زلزال 6 شباط 2023 في تركيا وسوريا تزامن مع إجتماعات الدول الخمس في باريس حول لبنان في 6 شباط 2023، أحدث الزلزال خلال 40 ثانية أضعاف ما تسببت به النزاعات في سوريا واليمن والعراق والسودان وليبيا ولبنان وفلسطين خلال السنوات العشر الماضية، إذ بلغ عدد الضحايا عشرات الالاف وما يزيد على عشرين مليون نازح ودمار بعشرات المليارات، وزلزال 6 شباط تجاوز أهوال الذكرى الأولى للحرب الأوكرانية في 24 شباط 2022 وتداعياتها على مستوى الإنسان والإقتصاد والطاقة والغذاء في العالم .
العالم منشغل حتى الان بمتابعة اعمال الانقاذ والبحث عن وجود احياء، و لم يبدأ الحديث عن التحولات الاستراتيجية نتيجة زلزال ٦ شباط ٢٠٢٣ والذي يحتاج الى مراكز بحثية ونخبة اقليمية وعالمية استثنائية قادرة على بلورة سياسات استباقية قادرة على استشراف عمق المتغيرات التي احدثها الزلزال، والذي ادخل دول العالم والمنطقة من جديد في البحث عن اجابات على سؤال جديد وهو كيف يواجه العالم والمنطقة تداعيات زلزال ٦ شباط بما يشبه السؤال عن كيف نواجه مخاطر وباء كورونا وبعدها كيف نواجه مخاطر وتداعيات الحرب الروسية الاوكرانية.
المنطقة والعالم امام مستجدات وتحولات إستراتيجية وجيوسياسية احدثها زلزال ٦ شباط ٢٠٢٣ ويحاول اللبنانيون الهروب من مواجهة التحديات المستجدة بالسؤال عن نتائج اجتماعات الدول الخمس في باريس في ٦شباط حول لبنان ويتصرفون وكأن العالم كله يدور حول رغباتهم واطماعهم واحترافهم صناعة الشغور والتعطيل والانهيارات المالية والتربوية والمصرفية وادعاء القداسة والبطولات، واللبنانيون يتعاملون بخفة مع زلزال ٦ شباط في سوريا بالذات وهم يكررون انقسامات بداية النزاع في سوريا بين من يؤيد الثورة واخر يؤيد النظام وكانت النتيجة الحاق لبنان بمستنقعات النزاع السوري واستضافة ما يزيد على المليون نازح واستنزاف السلع والعملات والاعمال وهجرة طاقات لبنان، ولا تزال منظومة الادعاء الطائفي والمذهبي تمعن في جهلها بالتعامل مع التطورات الكبرى وتحولاتها الجذرية والتي قد تؤدي الى المزيد من الضياع في لبنان.
ان استشراف تحولات زلزال ٦ شباط وتاثيرها على لبنان يحتاج الى نخبة وطنية غير موجودة، والدليل ما نشهده من انهيارات دراماتيكية نتيجة استخدام الشارع بخفة وعشوائية في لحظة فقد فيها لبنان موقعه على قائمة اولويات دول المنطقة والعالم بعد تداعيات زلزال ٦ شباط، ولبنان يفتقر ايضا الى وجود نخبة اعلامية تستطيع ان تسلط الضوء على الاتجاهات الصحيحة لملاقاة التوجهات الاقليمية والدولية واستكشاف التطورات السياسية من خلال بلورة ارادة سورية جديدة، خصوصا ان الزلزال خلال ٤٠ ثانية حرك عمر الازمة السورية عشر سنوات الى الامام مما يحتم التسليم بوضع خارطة طريق انتقالية لانقاذ ما تبقى من الشعب السوري بعد زلزال ٦ شباط.
زلزال ٦ شباط ٢٠٢٣ ستكون له اثاره البالغة على تطورات النزاعات العميقة والمستجدة في المنطقة وعلى المفاوضات الاقليمية والدولية وعلى العلاقات العربية العربية، وزلزال ٦ شباط اخذ اجتماعات ٦ شباط الباريسية في اتجاهات واقعية من اجل انقاذ لبنان من عصابات لبنان.