بيروت - لبنان

7 تموز 2023 05:34م صناعة الفشل في لبنان.. ونجاحات بيروت المدينة

حجم الخط
صناعة الفشل حرفة لبنانية عريقة وتشكل الجامع الوطني العابر للطوائف والمناطق والحقبات، ويتفاخر اللبنانيون بالتعطيل والشغور والانهيار المالي والاقتصادي وحماية الفساد ويتوافق رواد صناعة الفشل على ضرورة اغتيال او تهجير كل رموز لبنان الكبار الذين نجحوا في تجاوز مهزلة التقوقع الطائفي والمذهبي والمناطقي وشرعوا في تكوين ارادة وطنية جامعة في حقبات مختلفة من تاريخ لبنان الصغير والكبير، وكان مصيرهم الاغتيال او الاقتلاع وتدمير كل الانجازات و معالم النجاح واعادة عقارب الزمن الى الوراء من اجل حماية ثقافة الفشل اللبناني المتمثلة بالشغور والخواء الرئاسي والنيابي والحكومي والاداري والمالي والنقدي والقضائي والامني والسيادي.

صناع الفشل اللبناني منشغلون هذه الايام في ادعاء المهارات وتدمير كل البنى المجتمعية والسياسية والادارية من اجل استقطاب رواد السياحة السياسية الرائجة في لبنان، حيث نتابع كيف ان الدول الشقيقة والصديقة تبادر الى ايفاد المبعوثين من اجل التمتع بالسياحة السياسية المتمثلة بحطام المؤسسات الدستورية التشريعية والتنفيذية والقضائية والادارية والتي تجسد ازدهار حرفة صناعة الفشل السياسي في لبنان ، وهناك وفود برلمانية ووزارية تبادر الى زيارة الدول للترويج لذلك الدمار السياسي ودعوة ممثلي دول الاشقاء والاصدقاء الى زيارة لبنان والتمتع بالشغور الرئاسي والحكومي والاداري والمالي والامني، والاعلام اللبناني يساعد هولاء المندوبين البرلمانيين والحكوميين بالترويج لسياحة الفشل السياسي في لبنان.
صناعة الفشل اللبناني هذا الصيف تشهد مرحلة متقدمة من الازدهار، حيث تم استقطاب كل الذين تركوا لبنان بسبب الفشل المالي والاقتصادي والمصرفي وضياع المدخرات والذي تسبب بهجرة معظم الكفاءات والاختصاصات والطاقات والاستثمارات، تاركين اهلهم وعائلاتهم كرهائن لدى صناع الفشل الذين يعملون على ابتزاز الابناء واجبارهم على زيارة ذويهم في مواسم الاصطياف وجلب اموالهم لصرفها في مصلحة صناع الفشل في لبنان، الذين يحتفلون بازدهار مواسم السياحة ويتغنون بفشل الموانىء والمطار ويعقدون الاجتماعات والمؤتمرات الصحافية من اجل الترويج لفشلهم الكبير في ادارة المرفق العام.

صناعة الفشل اللبنانية حرفة تنافسية بين كافة المكونات التي تخوض معاركها السياسية والانتخابية على اساس تعميق الاصطفافات الطائفية والمذهبية السياسية، والتي تعتبر من اهم مظاهر الفشل السياسي والوطني بلإضافة الى تشكيلاتها المسلحة خارج الدولة والانتظام العام من مليشيات حزبية وعقائدية وطائفية ومناطقية من اجل المشاركة في البطولات الدورية الخاصة بتدمير كل نجاحات التجربة الوطنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والانسانية.

بيروت المدينة استطاعت وحدها ان تواجه تحديات صناعة الفشل اللبناني وذلك من خلال تكوين مجتمع وطني انصهاري قادر على حماية نجاحات رواد بيروت من كبار رموز الشراكة الوطنية اللبنانية من صناع النجاح والتجدد والابتكار والنهوض والبناء في كافة المجالات من المدارس الى المعاهد والجامعات والمستشفيات والمطابع والمعارض ووسائل الاعلام والفنون والثقافة والمهرجانات والمسارح والصالات والنقابات القطاعية والمهنية والجمعيات المدنية والاسواق والشركات والاستثمارات والابواب المفتوحة للطموحات والطاقات والايادي الممدودة لكل ابناء لبنان، مما جعل من بيروت مدينة النجاحات وتجربة وطنية استثنائية عصية على الفشل والاستتباع والابتلاع على الرغم من تناوب الوصايات والاحتلالات والاغتيالات والغزوات والاشتباكات و التعطيل وتهجير الخبرات وسلب المدخرات، وتبقى نجاحات بيروت المدينة هي الأمل والرجاء بخلاص كل لبنان من صناعة الفشل في لبنان .