31 آذار 2023 05:13م قوة لبنان في ضعفه..وضعف لبنان في قوته

حجم الخط
ضعف لبنان في قوته، معادلة جديدة جعلت اللبنانيين ينتظرون المعالجات الخارجية لازماتهم الداخلية، وفي ذلك تأكيد قاطع على العجز والفشل وعدم قدرة اللبنانيين على حكم انفسهم بانفسهم وادارة شؤونهم السياسية والدستورية والقضائية والاقتصادية والمالية، واللجوء الى الخارج يظهر مدى عمق ثقافة الوصاية والاستتباع لدى المكونات السلطوية وانعدام معايير الخصوصية الوطنية والسيادية، نتيجة ارتباط قوتها بالاحتلالات والحروب النزعات الاهلية المسلحة والانقسامات العامودية والافقية وخطوط التماس العسكرية والسياسية والطائفية المحلية والاقليمية والدولية.

قوة لبنان في ضعفه، معادلة قديمة تمثل ارث المجموعات الوطنية الغير مسلحة والتي جعلت من بيروت المدينة منارة التنوير والتعليم والانفتاح وحماية الحريات الفردية والجماعية والسياسية والاعلامية، والتي جعلت من لبنان نموذجا فريدا في المحيط والجوار والانصهار في هوية وطنية مدينية جامعة وقائمة على التحرر الفكري والديني والسياسي وعلى التلاقي والانفتاح في دولة العقود الاجتماعية الديموقراطية المتجددة والغير استبدادية، واليوم نشهد تداعي لبنان الضعيف بقوته الذي يقبع في زوايا الفشل على ايدي المجموعات الطائفية المعسكرة وانتصاراتها على اهلها وابناء وطنها بعنف الوصايات والعنف المسلح والعنف السياسي والعنف الديني والعنف الطائفي، وتقديم الولاءات الخارجية على المصالح الوطنية .
ضعف لبنان في قوته، هي معادلة مرحلة جديدة متمثلة بالمكونات السلطوية الحالية من المقاومة القوية الى الرئيس القوي ولبنان القوي الى الجمهورية القوية والحركة القوية والزعيم القوي والمرجعيات القوية والاحزاب القوية والعائلات القوية والمناطق القوية واصحاب العلاقات الخارجية القوية والقوة التغيرية وجميعهم اقوياء باستثناء لبنان الدولة والمجتمع والكيان وحدهم الضعفاء، وكل اقوياء لبنان منشغلون برصد الاجواء الدولية والاقليمية المعنية بالاستحقاق الرئاسي في لبنان ومعهم اعلام لبنان القوي والذي يجعلنا نتحسر على لبنان القوي بضعفه ايام كانت الصحف تمنع من دخول الدول باستثناء نسخة واحدة للقادة والرؤساء ايام كان الاعلام اللبناني مرآة التطورات في المنطقة والعالم.

ان مرحلة قوة لبنان في ضعفه تعتبر احدى تجليات القوة الناعمة، ايام تميزت نخبة لبنان بقوة الاستقطاب والاقناع ويوم ساهم الاعلام اللبناني باحتواء وحماية كل رواد الحريات الفكرية والابداعية في المنطقة بالاضافة الى مؤسسات التعليم والاستشفاء مع القطاع المصرفي الذي كان يشكل قوة جذب كبيرة للودائع والاستثمارات، اما في ايام لبنان الضعيف باقويائه انهار القطاع المصرفي وسلبت ودائع الابناء والاشقاء والاصدقاء ومعها انهيار القطاع الصحي والتربوي ومعظم الخبرات والمهارات هاجرت من لبنان .

اقوياء لبنان الضعيف مجموعات منفصلة عن الواقع وخصوصا عندما يتحدثون عن قضايا الجوع والبطالة وانعدام الامن الاجتماعي ويتناسون مسؤولياتهم عن تلك الانهيارات نتيجة سياسات الهيمنة والتعطيل والالغاء والانكفاء وافتعال الازمات، وتلك السياسات الحمقاء تعاقبت على ممارستها كل الطوائف والاحزاب والمجموعات وبدون استثناء، ومن اجل ذات الاهداف وهي السيطرة والاستبداد والاستتباع ومنع اللبنانيين من الانصهار في هوية وطنية جامعة وبناء دولة العدالة والمساواة، مما يجعلنا نتوق الى نجاحات قوة لبنان في ضعفه وبعيدا عن فشل ضعف لبنان في قوته، وحمى الله لبنان .