بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 أيار 2024 12:12ص إثر قضية «التيك توكرز» التي شهدت اغتصاب الأطفال: كيف يمكننا أن نحميهم من التحرُّش الجنسي؟

من الضروري التحدث مع الطفل عن أجزاء جسمه في وقت مبكر من الضروري التحدث مع الطفل عن أجزاء جسمه في وقت مبكر
حجم الخط
مع زيادة معدلات التحرش الجنسي بالأطفال التي رافقت دخول التكنولوجيا المتقدمة، ولاسيما بعد حادثة عصابة  «التيك توكرز» التي شهدت اغتصاب العديد من الأطفال، لا يزال الكثير من الآباء والأمهات بعيدين كل البعد عن مسألة تثقيف أطفالهم بالتحرش الجنسي ومعرفة الطرق اللازمة للتعامل مع هذا النوع من الحوادث، تحكمهم ثقافة «العيب والخجل» التي تقف حاجزاً للحد من الوقاية وتبعاتها النفسية على الطفل.
فما هي الأعراض التي يجب على الوالدين رصدها للتعرف إذا ما تعرض طفلهما للتحرش؟
وكيف يمكن توعية الطفل تجاه هذه السلوكيات؟
وما هي الخطوات الواجب على الوالدين اتباعها لتوفير قدر كافٍ من الحماية له؟

 د.معاوية

لمعرفة ألأجوبة على كل هذه ألأسئلة حاورت «اللواء» المحلل والمعالج النفسي في الولايات المتحدة الأميركية الدكتور مصطفى عادل معاوية،فكان الحوار الآتي:

 الأعراض

ـ ما الاعراض التي يجب على الوالدين رصدها للتعرف اذا ما تعرض طفلهما للتحرش؟
«هنالك بعض العلامات الجسدية والسلوكية تنذر بأن الطفل تعرض للتحرش، كإبداء ممانعته أو عدم رغبته وخوفه من البقاء في رعاية شخص بعينه، والتشبث بأبويه، وتردده في الخوض في تفاصيل الوقت الذي يقضيه مع أحدهم، وانسحابه إلى الصمت على غير عادته، وقلقه وسرعة انفعاله، وزيادة شهيته للطعام أو نقصانها، وارتداده إلى عادات كان قد كف عنها، كالتبول اللاإرادي، ومص الإبهام، ورؤيته المتكررة للكوابيس، وامتلاك مخاوف جديدة، كالخوف من الظلام، أو على النقيض منها كثرة النوم،ليبدو على محياه استياء سرعان ما يفصح عنه بأن يجهش بالبكاء.
‏‎ويُظهر الطفل المعتدَى عليه أحيانا شكلا أكبر من الطاعة، ويظهر شكلا أكبر من التمرد، كما يقضي وقتا أكبر بمفرده، وتظهر عليه محاولات تجنب التجرد من الملابس لتغييرها أو الاستحمام، بل وربما يخشى أماكن بعينها، كالمراحيض. 
ويبدي معرفة بأمور تفوق إدراكه أو عمره، آتيا على ذكر كلمات وتصرفات جديدة غير لائقة، بها إيحاءات تنمُّ عن وعي ذاتي مفاجئ بأمور أو ألفاظ جنسية.»

أسباب التحرش

ـ ما ابرز اسباب التحرش؟
«إن اغلب حالات التحرش الجنسي للأطفال تحدث بسبب جهل الطفل وعدم وعيه بما يحدث له وجهله في كيفية التصرف في حالة تعرضه للتحرش.
 وكذلك حيل وأساليب المتحرش وما يقدمه للطفل من هدايا وحلوى أو مال، واستدراجه والاختلاء به في أماكن خالية.»

توعية الطفل

ـ كيف يمكن توعية الطفل تجاه هذه السلوكيات؟
«من الضروري التحدث مع الطفل عن أجزاء الجسم في وقت مبكر.
 إن تسمية أجزاء الجسم والتحدث عنها في وقت مبكر جدا مع أطفالك مهم جدًا لذا، استخدم معهم الأسماء الصحيحة لأجزاء الجسم، أو على الأقل علِّم أبناءك المصطلحات الفعلية والمناسبة لأجزاء الجسم، يمكن لشعور الطفل بالراحة عند استخدام هذه الكلمات ومعرفة ما تعنيه أن يساعد الطفل على التحدث بوضوح إذا حدث شيء غير لائق. 
كما يجب التعرف على أن بعض أجزاء الجسم خاصة وحساسة، وأن أعضاءه الخاصة تسمى خاصة لأنها ليست متاحة الرؤية للجميع، اشرح له أنكما كأب وأم يمكنهم رؤيته عاري الجسد لمرحلة معينة، لكن يجب على الأشخاص خارج المنزل رؤيته وهو يرتدي ملابسه فقط،وضّح كيف يمكن لطبيبه رؤيته بدون ملابسه، لأنكما موجودان معه والطبيب يفحص جسده. 
علّم طفلك حدود الجسم ،أخبر طفلك بشكل صارم وتمثيلي، أنه لا ينبغي لأحد أن يلمس أعضاءه الخاصة، وأنه لا حق لأحد أن يطلب منه لمس الأجزاء الخاصة لشخص آخر.
مع الأسف، غالبًا ما ينسى الآباء الجزء الثاني من هذه الجملة، وغالبًا ما يبدأ الاعتداء الجنسي عندما يطلب المتحرش أو الجاني من الطفل لمسه أو لمس أي شخص آخر. 
أخبر طفلك أن أسرار الجسد ليست جيدة.
سيخبر معظم الجناة أو المتحرشين الطفل أن يحافظ على سرية ما حدث بينهم، ولا يخبر به أحدًا ويمكن القيام بذلك بطريقة ملتوية وودية محببة للطفل، مثل: «أحب اللعب معك، ولكن إذا أخبرت أي شخص آخر بما لعبناه فلن يسمحوا لي بالاقتراب منك مرة أخرى»، أو يمكن أن يكون تهديدًا،  أخبر أطفالك أنه بصرف النظر عما يقوله أي شخص لهم، فإن أسرار الجسد ليست جيدة على كل حال! ويجب عليهم دائمًا إخبارك إذا حاول شخص ما جعلهم يحتفظون بهذه الأسرار بينهما دون علم منك. 
قل لطفلك أنه لا ينبغي لأي شخص التقاط صور لأعضائه الخاصة.
غالبًا ما يفوت على الآباء هذا.
باختصار، يوجد عالم مريض بالكامل من مشتهي الأطفال الذين يحبون التقاط صور الأطفال العراة  وتبادلها عبر «الإنترنت»، هذا للأسف وباء يعرض طفلك للخطر، نبه أطفالك أنه ممنوع منعًا قاطعًا أن يلتقط أحد صورًا لأعضائهم الخاصة. 
علِّم طفلك كيفية الخروج من المواقف المخيفة أو غير المريحة،إذ يشعر بعض الأطفال بعدم الارتياح ولا بالجرأة الكافية لقول «لا» للأشخاص خاصة الأصدقاء الأكبر سنًا أو البالغين.
 أخبرهم أنه من الصواب إخبار أي شخص، وأنه يتعين عليهم المغادرة الآن من هذا  المكان، خاصة إذا حدث شيء ما يجعله يشعر بالانزعاج وعدم الارتياح، ساعدهم في إعطائهم كلمات مفتاحية وحلول للخروج من هذه المواقف غير المريحة، أخبر طفلك أنه إذا أراد شخص ما رؤية أجزاءه الخاصة أو لمسها، فيمكنه إخباره بأنه بحاجة إلى الذهاب سريعًا لاستخدام الحمام. 
علمه كلمات يمكنه استخدامها عند الشعور بعدم الأمان.
عندما ينضج الأطفال قليلًا، علِّمهم كلمات رمزية يمكنهم استخدامها عندما يشعرون بعدم الأمان، ويمكنك تطبيق هذا في المنزل، عندما يكون هناك ضيوف في المنزل أو عندما يكونون في  الخارج للعب أو أحد سيبيت معهم. 
أعطِ لطفلك الأمان إذا أخبرك بسر بجسده كثيرًا ما يخبرنا الأطفال أنهم لم يخبروا أبويهم بهذه المواقف لأنهم اعتقدوا أنهم سيقعون في مشاكل كبيرة أيضًا، وغالبًا ما يستخدم الجاني أو المعتدي هذا النوع من الرهبة والخوف.
 لذا، احرصا على بث الطمأنينة في قلوب أطفالكما، والتأكيد على أنه لن يقعوا في أي مشكلة أبدًا، عند إخباركما بأسرار عن جسدهم. 
أخبر طفلك أن هناك بعض اللمسات قد تشعره بالراحة.
يتحدث العديد من الآباء والكتب عن «اللمسة الجيدة واللمسة السيئة»، لكن هذا قد يكون محيرًا لأن هذه اللمسات غالبًا لا تؤذي أو تجعلك تشعر بالسوء وبالتالي، أفضل مصطلح تعلمه لأبنائك عن ماهية هذه اللمسات «اللمسة السرية»، لأنه تصوير ووصف أكثر دقة لما قد يحدث لهم. 
يجب أن تعلِّم طفلك أن هذه القواعد تنطبق على الأقارب وغير الأقارب، هذه نقطة مهمة عليك مناقشتها مع طفلك وتذكره بها باستمرار، عندما تسأل طفلًا صغيرًا عن مواصفات «الرجل السيىء أو الشرير»، فمن المرجح أنه سيصف شريرًا كرتونيًا وهكذا، يمكنك أن تصف له شيئًا واقعيًا مثل، «قد نلمس نحن أبويك أعضاءك الخاصة عندما نقوم بتنظيفك أو إذا كنت بحاجة إلى وضع كريم أو دِهان ولكن لا ينبغي لأحد أن يلمسك هناك غيرنا، سواء كانوا أصدقاءً، أو عمات أو أعمام، أو المعلمين والمعلمات، حتى إذا كنت تحبهم أو تستلطفهم أو تعتقد أنهم مسؤولون، فلا يزال عليهم عدم لمس أعضائك الخاصة».

 توفير الحماية؟

ـ ما الخطوات الواجب اتباعها لتوفير الحماية له؟
«إن تعرض الأطفال للاعتداء الجنسي مخاوف يشاركها معظم الآباء والأمهات، ولكن يمكنك تمكين طفلك والمساعدة على حمايته لذا، علِّم طفلك كيفية وضع حدوده وفرضها على الأشخاص، ووجِّهه للحصول على المساعدة إذا كان أي شخص يُشعره بعدم الارتياح، اشرح أشكال التحرش الجسدى والعاطفى والجنسى، ولكن حاول تجنب تخويف طفلك، ابذل قصارى جهدك للحفاظ على علاقة منفتحة وصادقة مع بعضكما البعض، إذا أوضحت أنك تقدِّر ما يفعله طفلك، فسيزداد احتمالية ثقته بك إذا واجهته أي مشكلة.»

  إحساس بالعار

ـ لماذا يُخفي الطفل تعرضه للاعتداء؟
«يعتقد الكثير من الآباء أن أطفالهم سوف يخبرونهم بأي أذى يتعرَّضون له، لكن المؤسف أن السكوت عادةً ما يكون خيار الأطفال، بسبب الشعور بالذنب ولوم الذات، حيث يتجنَّب الأطفال الحديث عما حدث لاعتقادهم أنهم مذنبون أو أن اللوم يقع عليهم.
من جانب آخر، يعاني الأطفال من إحساس عميق بالخزي والعار، وهو ما يجعلهم في بعض الأحيان يختارون الصمت، كي يتجنَّبوا استعادة تفاصيل التجربة عند الحكي عنها. وبالطبع غالبا ما يتلاعب المعتدي بالطفل، قد يُقنعه أن أحدا لن يُصدِّقه، أو أن الطفل هو الذي سيُعاقَب. 
وفي بعض الأحيان، يُقنع المعتدي الطفل أنه أيضا استمتع بما حدث، أو أنه أراد حدوثه، وقد يُهدِّده كي لا يُخبر أحدا، وهو ما يجعل الطفل يخاف على حياته وحياة أفراد عائلته ويشعر بالخطر.»
جميع مستخدمي «الإنترنت» عرضة للتحرش.
ـ برأيك، هل ساهمت التكنولوجيا بهذا التحرش؟
«لقد كان للتكنولوجيا والتطور و«الانترنت» أثراً كبيراً على حياة الطفل، إلا أن هذه التأثيرات لم تقتصر على الجانب الإيجابي من حياتهم، فقد تعدَّت ذلك للآثار السلبية التي جعلت من الكثيرين يستخدمون «الإنترنت» بشكل سيىء وللتحرش الجنسي بالأطفال، كما حصل مؤخرا في قضية عصابة  «التيك توكرز» التي شهدت اغتصاب العديد من الأطفال واستجرارهم من خلال البوابات في التواصل الإجتماعي…‏‎حيث يعتبر التحرش الإلكتروني امتداداً للتحرش الجسدي وهذا بسبب مساهمة «الانترنت» بالوصول بشكل اسهل للأطفال.
 كل ما يحتاجه المتحرش هو الوصول إلى جهاز و«مودم» فقوته تكمن في المعلومات الكثيرة التي يستطيع جمعها عن الضحية التي اختارها عن طريق «الإنترنت» طالما قد أصبح ملمّاً بالمعلومات والبيانات الشخصية سيكون جميع مستخدمي «الإنترنت» عرضة للتحرش.» 

 الآثار النفسية للتحرش

ـ ختاما،ما أبرز الآثار النفسية للتحرش الجنسي على صحة الطفل؟
«قد ينتج عن الاعتداء الجنسي على الأطفال حدوث ضرر قصير أو طويل الأمد، بما في ذلك الأمراض النفسية في مرحلة لاحقة من الحياة. 
وتشمل هذه المؤشرات والتأثيرات: الاكتئاب، والقلق، واضطرابات الأكل، وضعف الثقة بالنفس، واضطرابات النوم، واضطراب الهوية التفارقي، واضطرابات القلق بما فيها اضطراب ما بعد الصدمة. 
كما يظهر لدى الأطفال سلوكيات رجعية مثل مصّ الإبهام أو التبول على الفراش، فإن أقوى مؤشر على وجود اعتداء جنسي هو السلوك الجنسي غير المقبول والمعرفة والاهتمام الجنسي غير اللائقين.
 أيضا،قد ينسحب الضحايا من المدرسة والنشاطات الاجتماعية ويواجهون مشاكل مختلفة في التعلم والسلوك، بما في ذلك القسوة على الحيوانات، واضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (إيه دي إتش دي)، واضطراب السلوك واضطراب المعارض المتحدي (أو دي دي).
هذا، وقد يظهر الحمل في سن المراهقة والسلوك الجنسي الخطير عند اليافعين ،حيث يبلغ ضحايا الاعتداء الجنسي على الأطفال عن إلحاق الأذى بأنفسهم بمقدار أربعة أضعاف تقريبًا.»