المجبِّر العربي، إسم يطلق على الشخص الذي يمارس مهنة تجبير كسور العظام لدى الإنسان، وذلك بأساليب شعبية وبدائية ودون دراسة أكاديمية، ويتم تعلُّمها عن طريق الممارسة العملية.
وغالبا ما يتم تناقل هذه المهنة داخل الأسرة الواحدة، حيث يقوم الأب بتعليمها لأبنائه وهكذا دواليك.
وتعتبر مهنة المجبِّر من أقدم المهن التي عرفها الإنسان، وذلك بسبب الحاجة الملحَّة لها منذ زمن بعيد، وإلى الآن ما زال المجبِّر العربي يحافظ على مهنته القديمة أمام التقدم العلمي والطبي، في مجال معالجة الكسور بشتى أنواعها وأشكالها.
وها هي تعود اليوم إلى الواجهة بسبب الظروف الصعبة التي نعيشها.
بحسون
لتسليط الضوء على هذه المهنة التقت «اللواء» محمد بحسون الذي يعمل بهذه المهنة منذ سنوات، فكان الحوار الآتي:
- منذ متى تزاول المهنة؟
أزاول هذه المهنة منذ ما يقارب خمسين عاما، وهي تحتاج إلى جرأة وحنكة في آن معا، تعلمتها من والدي وأصبحت أضاهي طبيبا متخصصا بها.
لذلك، سأبقى متمسكا بها، وأعتبرها التاج الذي أحمله، والحمد لله رغم التطور العلمي ما زلت متربعا على عرش لقبه «حكيم عربي» علما أنني اكتسبته بأسلوب شعبي وبدائي ومن دون دراسة أكاديمية.
30 حالة
- هل يأتيك الكثير من الحالات؟
عدد الحالات يقارب الـ30 حالة في الشهر، وهذه الأيام الحالات في تزايد مستمر نظرا لضيق الأحوال المادية والمعيشية، فلم يعد باستطاعة أحد الذهاب إلى المستشفى أو إلى الطبيب، لذلك هم يفضلون المجيء إليّ.
أسباب تراجع المهنة
- برأيك ما الأسباب التي جعلت هذه المهنة تتراجع نوعا ما؟
للأسف، جيل اليوم لم يعد يتحمل التجبير العربي، خصوصا وأن هناك العديد من الأطباء الذين يشتكون ويزرعون الخوف في نفوس المرضى، في إشارة منهم إلى إمكانية تجدد الكسور مرة أخرى لوجود خطأ في التجبير.
أدوات التجبير؟
- ماذا عن أدوات التجبير العربي؟
الأدوات التي أستخدمها في المهنة بسيطة جدا، وكما تشاهدين حولك هي لا تتعدى القطن و«البلاستر» وبودرة ومشدات و«كرتون».
- ما الذي يميز التجبير العربي؟
ما يميز التجبير العربي أن العلاج يتم بشكل سريع، بالإضافة إلى أنه بالطريقة التقليدية نستطيع تطبيق عظمين مكسورين على بعضهما البعض، بينما الطريقة المتقدمة تعجز عن ذلك، كما أن وزن الجبصين بالطريقة التقليدية أخف من جبصين الطريقة المتقدمة.
العلاقة مع الأطباء
- كيف هي علاقتك مع الأطباء؟
علاقتي جيدة جدا وكثير منهم ينصحون المرضى بالتوجه إلى التجبير العربي، وفي المقابل البعض الآخر ينصح المواطنين بعدم الاقتراب من التجبير العربي لعدم مهنيتها.
لكن إسمحي لي أن أخبرك بأن بعض المرضى كانوا قد تعرضوا لكسور وذهبوا إلى العيادات الطبية المتخصصة وأهم المستشفيات، إلا أن التجبير لم ينجح بل عادوا مرة أخرى الى تجبير الكسور بالتجبير العربي والتأمت الكسور، وهذا الكلام يشهده له المواطنون ويتحدثون به.
كذلك، أداوي كل ما يتعلق بتشنج العضلات، الوتاب، زحل الصابونة...كل ذلك بالمرهم السوري «بلسم الآلام»، لكن عندما تتعلق المسألة بالكسور الكبيرة كخروج العظام من الجلد وبروزه خارج الجسم فأنا أنصح المريض بالتوجه إلى المستشفى مباشرة، لأن ذلك يحتاج إلى عناية طبية وربما يحتاج إلى عمليات جراحية.
كلفة الأتعاب؟
- ماذا عن كلفة الأتعاب؟
الحقيقة أنني لمدة 40 سنة لم أكن أتقاضى أتعابا مادية، بل كنت أتلقى الهدايا الرمزية كالمسابح والحلوى وسجادات الصلاة، لكن بعد أن تدهورت الأوضاع الإقتصادية والمعيشية وارتفعت الأسعار أصبحت أتقاضى المال لكن رغم كل شيء ما تزال أتعابي زهيدة لأنني أشعر بمدى ضيقة الناس.
- هل تكفيك أتعاب هذه المهنة كي تعيش ببحبوحة؟
أنا لا أرتكز فقط على مهنة التجبير العربي فلدي محل سمانة، لكنني منذ سنوات لم أنزل إلى المحل لأن صحتي لم تعد تساعدني.
لذلك أبقى في المنزل وأستقبل المرضى من العاشرة صباحا حتى الثامنة مساء، وأمارس مهنتي على بركة الله.