بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 أيار 2019 12:35ص وداع تاريخي لبطريرك الوطن في بكركي وسط حداد وطني ومشاركة رئاسية وحشود شعبية

حضور بارز للجبل و«القوّات» وتمثيل رفيع فرنسي وعربي وعون منحه وسام الإستحقاق الاكبر

الرؤساء الثلاثة: عون وبري والحريري يتقدمون المشيعين في باحة بكركي وبدا الى اليمين الوزير الفرنسي لودريان والكواري ممثلاً امير قطر وخلفهما الوزراء الرؤساء الثلاثة: عون وبري والحريري يتقدمون المشيعين في باحة بكركي وبدا الى اليمين الوزير الفرنسي لودريان والكواري ممثلاً امير قطر وخلفهما الوزراء
حجم الخط
ودّع لبنان الرسالة والوحدة الوطنية بطريرك الوطن، الكاردينال الماروني مار نصر الله بطرس صفير، بما يناسب مكانة الراحل الكبير وابرز مشهد الوداع الكبير لبنانياً وعربيا ودوليا للبطريرك الراحل الصورة التي مثّلها في حياته وتجسدت بقوة في يوم تشييعه، صورة الاعتدال والمصالحة والحوار والتواصل. 

وانتقل الى مثواه الأخير في بكركي، وسط حداد وطني شامل، وإقفال المؤسسات العامة والخاصة والمدارس والجامعات، وفي ظل مشاركة رسمية وروحية وشعبية، تعبّر عن التقدير الكبير لمن اُعطي له مجد لبنان بطريرك الاستقلال الثاني.

وفيما توقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي عن تقبل التعازي في صالون الصرح عند الواحدة من بعد الظهر واقفلت ابواب كنيسة سيدة الانتقال تمهيداً للترتيبات التي سبقت مراسم جنازة البطريرك صفير، وضعت اكاليل من الزهر باسم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري على نعش البطريرك صفير.

وبعد اكتمال الاستعدادات لمراسم الدفن، توافد المودعون والوفود الى الساحة الخارجية حيث أقيم مذبح وخلفه خمسة اكاليل باللون البنفسجي ترمز لجروح المسيح. وأقيمت منصة باللونين القرمزي والبنفسجي وهو لون الحزن لدى الأحبار والملوك. ووضع النعش على منصة وضعت حولها 12 مزهرية باللون البنفسجي ترمز الى رسل المسيح ومراحل الجلجلة، ووضع حول المنصة من الجانبين حوالى 260 كرسيا للأساقفة والكهنة ورجال الدين، ووضعت ثلاثة مقاعد للرؤساء وأربعة لممثلي الدول وهي فرنسا والسعودية والأردن وقطر. 

وعند الرابعة والنصف الا خمس دقائق انطلق موكب نقل جثمان البطريرك من الكنيسة وخرج النعش الخشبي من الباب في اتجاه الساحة الخارجية يتقدمه البطريرك الراعي والمطارنة.

وبرز في التحضيرات أيضاً، الحضور المكثف للقوى الامنية التي تتولى متابعة أدق التفاصيل بإشراف شخصي من مدير مخابرات فرع جبل لبنان العميد كليمان سعد.

ووُضعت في الباحة الخارجية للصرح حوالى 8600 كرسي، في حين رفض البطريرك الراعي أن يجلس على كرسيه الكبير وطلب أن تكون كرسيه عادية مماثلة لكرسي المطارنة.

ورأس الموفد البابوي رئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري قداسا في كنيسة سيدة الانتقال في بكركي حيث يسجّى جثمان البطريرك صفير.

وعاونه في القداس السفير البابوي في لبنان جوزيف سبيتيري.

كذلك، خصص مقعدان في الصفوف الأمامية لحارسي بكركي: النائب فريد الخازن وأمين الخازن، لما لعائلة الخازن من دور في حماية البطريركية.

ولوحظ في الترتيبات أن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية جلسا جنبا الى جنب وفي الجانب الآخر جلس رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الى جانب نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني والوزراء.

وفود مشاركة 

وشارك في مراسم الدفن الرؤساء الثلاثة، حيث وصل الرئيسان نبيه بري وسعد الحريري في سيارة واحدة، ثم وصل الرئيس ميشال عون عند الخامسة، وكان سبقهم وصول الرؤساء ميشال سليمان وامين الجميل وحسين الحسيني وفؤاد السنيورة، والموفد البابوي الكاردينال ليوناردو ساندري، السفير السعودي وليد البخاري ممثلا الملك سلمان بن عبدالعزيز، كريستينا رافتي ممثلة الرئيس القبرصي، وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان ممثلا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، حمد بن عبدالعزيز الكواري ممثلا أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، القائم بالأعمال الاردني وفاء الايتم ممثلة ملك الاردن عبد الله الثاني. ونظراً لحساسية الوضع بين قطر والسعودية تمّ تقسيم الكراسي الأربعة، بحيث جلس السفير السعودي إلى جانب ممثل الأردن وجلس ممثل قطر إلى جانب وزير خارجية فرنسا من الجهة الأخرى. كما حضر السفير الفلسطيني اشرف دبور ممثلاً الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وحضر وفد من الحزب «التقدمي الاشتراكي» للمشاركة في الجنازة، ضم فعاليات من مختلف بلدات الجبل ورجال دين من مختلف الطوائف المسيحية والاسلامية، وتقدم الوفد النائب تيمور جنبلاط ممثلا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مع وفد اللقاء الديمقراطي والحزب التقدمي. وقال وزير التربية والتعليم العالي أكرم شهيب: «البطريرك صفير رجل استثنائي في ظرف استثنائي ولذلك فإن وفدنا كان يجب ان يكون استثنائيا. اهالي الجبل يذكرون البطريرك صفير والمشاركة اليوم هي دليل رقيهم في وداع هذه القامة الكبيرة».

وقال الشيخ عامر زين الدين: «جئنا تلبية لطلب وليد جنبلاط الذي اضطرّ للسفر خارج البلاد ويمثّله تيمور جنبلاط».

ومن الوفود المشاركة أيضاً رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وعقيلته النائب ستريدا على راس وفد قواتي من وزراء ونواب، ورئيس «تيار المردة سليمان فرنجية على راس وفد، ووفد من «التيار الوطني الحر» برئاسة الوزير جبران باسل،  ووفد من «حركة أمل». فيما غاب نواب «حزب الله» (علما انه كان اوفد وفدا الى بكركي امس الاول)، كما حضر ايضاً رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل على رأس وفد كبير، وعدد كبير من الوزراء والنواب والسفراء العرب والأجانب.

وخلال القداس منح الرئيس عون البطريرك الراحل الوشاح الاكبر وسام الاستحقاق الاكبر تقديراً لما قدمه للبنان. 


تيمور جنبلاط ونواب اللقاء الديموقراطي يتقدمون وفد الجبل

معزون ومواقف

وكان البطريرك مار بشاره بطرس الراعي وعائلة الراحل واصلوا قبل الظهر تقبل التعازي. كما توالت المواقف والتغريدات المودعة والمشيدة بمزايا الراحل ومواقفه الوطنية.

وأكد الرئيس ​ ​فؤاد السنيورة​ في تصريح له من ​بكركي​ «أنني أكن الكثير من الود والتقدير للبطريرك​ وهذا التقدير لمسته في الايام الصعبة التي مر بها ​لبنان​ وكان دائما على إيمانه وثقته بلبنان وتصرفه الدائم كبير جداً في هذا الدور الذي كان يقوم به من أجل الحفاظ على لبنان ونحن خسرناه جسدا ولكنه باق في وجدان كل اللبنانيين».

وقال نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني: «البطريرك صفير هو ذاكرة وطن وسيبقى وطناًُ في ذاكرة. بوداع البطريرك صفير نودّع حقبة تاريخية من تاريخ لبنان ساعد من حافظوا على وجود هذا البلد في مرحلة كان وجوده مهددا ولا بد ان نكون جميعنا هنا».

وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية مي شدياق التي قالت: «البطريرك صفير كان الرعي الكبير لكل ابناء الطائفة وكان صلباً بمواقفه».

وأكد عضو تكتل «​لبنان​ القوي» النائب ​ابراهيم كنعان​،​ أن «صفير​ كان رجلا يملك صلابة كبيرة ولا احد يستطيع انكار ذلك»، وشدد على ان «رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ والبطريرك صفير لم يختلفا في يوم من الايام على سيادة لبنان»، مؤكدا «اننا خسرنا رجلا من الكبار المؤمنين بدور لبنان المميز»، مؤكدا ان «البطريرك صفير آمن بحرية لبنان وعمل من اجلها».

ولفت النائب ​فريد هيكل الخازن​ من ​بكركي​ إلى أن «​الكنيسة المارونية​ والبطريركية تحديدا هي مؤسسة جامعة مؤمنة بالسلام والتعايش وبكل المبادئ التي كان البطريرك صفير​ يؤمن بها والتي يحملها الآن ​البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي​».

وفي السياق، غرّد النائب سامي الجميّل عبر «تويتر»: وداعاً سيّدنا البطريرك صفير. سلّم على بيار وأنطوان ورفاقنا الشهداء. على مبادئك ثابتون.

من جهته، غرد عضو اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبد الله عبر حسابه على «تويتر»، قائلا: «اليوم حداد وطني. نودع في بكركي رمز المصالحة والوطنية والسيادة. لبنان حزين».

بدوره، نشر النائب الياس حنكش على حسابه على تويتر صورة تجمعه والبطريرك الراحل ورافقها بالعبارة الآتية: «ننحني أمامك يا قديس بكركي ... صلِّ لأجل لبنان».

بدوره، قال رئيس تيار المردة سليمان فرنجية: «لا بد من وقفة اجلال لهذا الانسان الكبير الذي اتفقنا معه بفترة واختلفنا معه بفترة اخرى ولكن دائماً كان هناك احترام متبادل».

وقال رئيس «حركة الاستقلال» النائب ميشال معوض: «البطريرك صفير بالنسبة لنا اب الاستقلال والسيادة وهو رافقنا بكل محطاتنا الاساسية والوطنية منذ انتخاب الرئيس الشهيد رينيه معوض».

من جهته، قال النائب زياد حواط: «هذا الجمهور يؤكد أن هذا البطريرك لجميع اللبنانيين وعابر للطوائف».

أما النائب نديم الجميل فقال بعد وصوله: «هذا النهار هو لكل شخص يؤمن بسيادة لبنان، نحن اليوم نريد شكره لوقفته الوطنية فهو الميزان بين الحق والباطل وهو المرجع والميزان بين الحق والباطل».

ولفت عضو تكتل «​الجمهورية القوية​» النائب ​بيار بوعاصي​ في تصريح له من ​بكركي​ إلى أن «البطريرك صفير يعني لنا كثيرا وهو روح ​لبنان​ واستقلال لبنان وهو الطابع الماروني بنفسيته وهو بطريرك كل لبنان وهو درس نتعلم منه ولسنا في وداعه بل في لقائه».

واشار عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب ​جورج عقيص​ في تصريح له من ​بكركي​ إلى «اننا في لبنان بحاجة لأشخاص مهتمة باستقلال وسيادة وحرية لبنان مثل البطريرك الماروني الراحل ​مار نصرالله بطرس صفير​».

وقال النائب السابق نضال طعمة في تصريح: يدرك القريبون من صاحب الغبطة المنتقل إلى رحمة الله، كم كان مسكونا بروحانية المحبة الصلبة، لم يكن البطريرك صفير مجرد رجل دين بل كان مسربلا بفكر المسيح، وكانت رؤيته معمدة بالحفاظ على صوت الحق في هذا الشرق الجريح».

أما القيادي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش فقال: «المرشد الروحي لقوى 14 آذار كان البطريرك صفير وكنا نزوره بشكل دوري كتيار مستقبل لأخذ التوجيهات العامة».

ولفت النائب السابق ​عماد الحوت، ​ الى «أنني أتيت لتقديم واجب العزاء باسم ​الجماعة الاسلامية​»، مشيرا الى أن «البطريرك الراحل مار نصر الله بطرس صفير، رجل تميز بالحرص على الحرية وإنصاف الآخر والدفاع عن المظلوم».

ورأى الحوت أن «صفير مثل علامة فارقة وقامة وطنية كبيرة وبالقيم التي حملها هو شخصية جامعة، وهذه المناسبة الحزينة تجمع جميع اللبنانيين».

وأكد السفير السعودي ​وليد البخاري​ من بكركي خلال تمثيله​ خادم الحرمين الشريفين  الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز للمشاركة بمراسم الوداع، أنه «لا شك أن البطريرك الماروني الراحل​مار نصرالله بطرس صفير​ هو من أهم ركائز السلام والعيش الواحد في لبنان ويختزل ذاكرة وجدانية في​العالم العربي​، الاسلامي والمسيحي وقدمنا لتقديم التعازي والمشاركة في التأبين ونقتدي برسالته في لبنان وفي العالم العربي».

وتقدمت وزارة الخارجية الأميركية بالتعازي بالبطريرك صفير. وقالت: كان قائدًا شجاعًا ضد الاستبداد والاضطهاد، وكان بطل فكرة سيادة واستقلال لبنان، والولايات المتحدة ستواصل الوقوف إلى جانب لبنان لدعم هذه المثل العليا التي يجسدها الكاردينال صفير.

وعزّى نائب رئيس دولة ​الإمارات​ حاكم دبي الشيخ ​محمد بن راشد آل مكتوم​، بوفاة البطريرك​ صفير، قائلًا: «تعازينا للشعب اللبناني الشقيق في وفاة البطريرك صفير».

وشدّد في تعليق على مواقع التواصل الاجتماعي، على أنّه «كان قوّة لصنع السلام وترسيخ استقرار لبنان، ومثال حقيقي لرجل الدين المتواضع والمحبّ لقيم العدالة والسلام».


البطريرك الراعي يتقدم موكب النعش بعد خروجه من كنيسة بكركي
حضور واقفال

وكانت وفود رسمية وشعبية من «القوات اللبنانية» انطلقت بالباصات من معراب في اتجاه بكركي. وقال منسق «القوات» في البترون: «أقل ما يمكن ان نفعله هو أن نقف وقفة وفاء كقواتيين وبترونيين للبطريرك صفير الذي كان وفياً لنا وعلى كل مواطن لديه حسّ وطني أن يشارك في هذا اليوم وصفير ليس حكراً على طرف إنما هو لكل لبنان».

وانطلقت الباصات أيضاً من المدفون تقلّ وفوداً من كلّ الطوائف من بشري وعكار والكورة وزغرتا، كما انطلقت مواكب سيّارة لحزب «القوات» ولافتات وصور وأقوال للبطريرك صفير تُردّد عبر مكبّرات الصوت. وخصصت نقطة ثابتة في جونية لتجمّع الوفود هي ملعب فؤاد شهاب حيث توجهت الباصات بحسب ألوانها إلى بكركي وسط تنظيم لوجستي ممتاز.

وحداداً على الكاردينال صفير، أعلنت جمعية تجار الرميل الاقفال العام. ورفعت صور للكاردينال صفير في مدينة طرابلس. وتأهبت زحلة وأبت أن يرحل البطريرك مار نصرالله بطرس صفير قبل إلقاء الوداع الأخير عليه.  فاصطفت السيارات واحتشدت الوفود في شوارع المدينة بانتظار ساعة الانطلاق نحو بكركي للمشاركة في مراسم الجنازة.


الرئيس عون يضع الوشاح الاكبر لوسام الاستحقاق اللبناني على نعش البطريرك صفير