بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 آب 2020 07:18ص الحكومة العتيدة: ملفات وتحديات

حجم الخط
إستقالة الحكومة ليس حدثاً مفاجئآً، ولكنها كانت خطوة قسرية بالنسبة لرئيسها، الذي حاول البقاء في السراي حتى الدقائق الأخيرة للمهلة التي حددها له حلفاؤه، بعدما تخلوا عنه بشكل جماعي، بحجة تجاوزه الخط الأحمر بطرحه تقصير ولاية مجلس النواب الحالي، وإجراء إنتخابات مُبكرة.
 المهم أن ذهاب «حكومة اللون الواحد» يعني إنطلاق المسار التنفيذي لمبادرة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون التي وضعها بين إيدي المسؤولين اللبنانيين، ورؤساء الكتل النيابية، والتي تبدأ بتشكيل حكومة مستقلين، تحظى بتأييد ودعم كل القوى السياسية، وذلك في إطار خريطة طريق لإخراج لبنان من دوامة الإنهيارات المتلاحقة، خاصة بعد الإنفجار الزلزالي في مرفأ بيروت.
 الإستقالة السريعة للحكومة وضعت الأطراف السياسية أمام تحدٍ جدي ومكشوف أمام عواصم القرار الدولي، التي سارعت إلى مد يد العون تجاوباً مع مساعي وخطة الرئيس الفرنسي. وتجنب تكرار التجارب والمناورات السابقة في تشكيل الحكومات، وهدر المزيد من الوقت في تأخير الإصلاحات المطلوبة، والمسارعة إلى إستعادة الثقة الداخلية والخارجية، تمهيداً للإفراج عن المساعدات الموعودة.
 التغيير الحكومي وحده لا يكفي، إذا لم يقترن بتغيير جوهري في أداء أهل السلطة، كما في الذهنية التي تُدير الحُكم، بعيداً عن عقلية المحاصصات والًصفقات، أو حتى الكيدية وتصفية الحسابات.
لا تهم هوية شخصيات الحكومة العتيدة، بقدر الإهتمام بمواصفات الخبرة والكفاءة، والشفافية والنزاهة، والقدرة على تنفيذ خطط مكافحة الفساد، إلى جانب الشجاعة في إستئصال العناصر الفاسدة في الإدارات العامة، وإسقاط الحمايات الحزبية والسياسية عنها.
ومن مهمات الحكومة الجديدة لإنجاح مشروع التسوية المطروحة، العمل على حسم بعض الملفات الأساسية العالقة، في مقدمتها تحديد الحدود البحرية مع الدولة العبرية، والذي تعطيه الإدارة الأميركية أولوية مميزة، عشية إستحقاق الإنتخابات الرئاسية، والصعوبات التي يواجهها ترامب في محاولته البقاء في البيت الأبيض ولاية ثانية.
ولعل زيارة الديبلوماسي دافيد هيل إلى لبنان هذا الأسبوع، تكون أول عملية جس نبض لجدية الجانب اللبناني في التجاوب مع المساعي الأميركية، بعدما أبدى الرئيس الأميركي ليونة في تشدده تجاه لبنان، وشارك في مؤتمر الدعم الدولي، وإتصل هاتفياً بالرئيس اللبناني.
 لبنان أمام مفترق جديد، قد يُتيح للوطن الصغير فرصة ذهبية لوقف الإنهيار، إذا تخلت الأطراف السياسية عن أنانياتها، ووضعت مصلحة البلد فوق كل الإعتبارات الأخرى.