يُخطئ من يعتقد أن مناعة المجتمع المسيحي، هي من الهشاشة بمستوى الجدال الإنفعالي،الذي أثارته حادثتا الراهبة مايا زيادة، وإشكالية صُور فئات العائلات في المدرسة المركزية.
الخطاب الشبابي والحماسي للأخت الراهبة زيادة أمام تلاميذ المدرسة الإيطالية في بلدة غبالة الكسروانية، لا يتعارض مع ثوابت الإيمان المسيحي، ولا يتناقض مع تعاليم الإنجيل، التي تدعو لمواجهة الظلم، ونشر ثقافة المحبة والتسامح والعدالة بين بني البشر.
والحملة التي تعرضت لها الراهبة الشابة فيها من التسرع والإنفعال والتعصب السياسي، ما ينقض رسالة الكنيسة في نصرة المظلوم، وإدانة الظالم، وفي مساعدة الضعيف والمغلوب على أمره، وفي حماية الأمومة والطفولة، والحفاظ على كرامة الإنسان، بغض النظر عن لونه وأصله ومعتقده، لأنه من مخلوقات الرب، وأخ في الإنسانية.
الراهبة مايا زيادة لم تخُض في العمل السياسي، وكلامها لا يعبر عن مواقف سياسية، بقدر ما تقصد الدفاع عن الضحايا من الأبرياء في غزة، ومعظمهم من الأطفال والنساء، كما وجهت التحية للمقاومين الذين يدافعون عن أرض الوطن، ويقدموا أرواحهم ودمائهم على مذبح الوطن.
أما الغلطة غير المتعمدة التي إرتكبتها إحدى معلمات المدرسة المركزية في جونيه، في توزيع صورة أخذتها من موقع غوغل، وتُظهر فئات العائلات في المجتمعات الغربية، حيث شرّعت العديد من الدول الأوروبية والأميركية المثليّة، ولا علاقة بها لمجتمعاتنا الشرقية المؤمنة بالقيم الدينية، ولا تُعبر عن واقعنا الإجتماعي والعائلي.
كان يمكن أن تتم معالجة ردود فعل اهالي التلاميذ في إطار التحقيق الإداري الفوري الذي أجرته إدارة المدرسة، وتبين أن خطأ المعلمة غير مقصود لهدف معين، وخاصة للترويج لثقافة الشذوذ والمثليّة، وقد تم إتخاذ الإجراءات العقابية بحق المعلمة والناظرة المسؤولة عنها، وإيقافهما عن العمل لمدة شهر.
كان من المفترض أن تبقى هذه القضية داخل جدران المدرسة، ولا تتحول إلى مادة جدالية للمزايدات الشعبية. ولغايات شخصية كيدية، تُسيء، ليس للمدرسة ورسالتها وسمعة الهيئة التعليمية فيها وحسب، بل تنال من كل المجتمع المسيحي، وإظهاره وكأنه ضحية سهلة لحملات الغوغاء التي تفور بها مواقع التواصل، دون حسيب أو رقيب، وهدفها الأول والأخير البحث عن الإثارة الرخيصة، والكسب السريع، ولو على حساب القيم الدينية، والمصداقية المهنية، ودائما لأغراض سياسية وحزبية تافهة.
المجتمع المسيحي بألف خير يا ساده..، ولكن لعن الله السياسة التي ما دخلت شيئاً إلاّ أفسدته!
د، فاديا كيروز