بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 نيسان 2024 01:03ص جريمة نكراء ولكن حذاري الفتنة

حجم الخط
ما تعرض له المواطن باسكال سليمان من عملية خطف مقابل فدية مالية، حصل العديد من مثيلاتها في مناطق أخرى خلال السنوات الأخيرة، بعد تراجع سلطة الدولة، والوهن الذي أصاب الأجهزة الأمنية، بسبب ضغوط الإنهيارات المالية والمعيشية. 
ولكن الأجواء المسمومة بشتى فيروسات الطائفية والمذهبية والمناطقية، إلى جانب التوترات السياسية والحزبية، وما يواكبها من ثقة مفقودة بين الأطراف الحزبية، وضعت عملية خطف أحد كوادر حزب القوات اللبنانية  في منطقة جبيل، في البازار السياسي، وأطلقت حولها مجموعة من المواقف المتسرعة، والإشاعات المغرضة، وأعدت الأرضية المناسبة لإشعال الشرارة الأولى في „كومة قش” تفترش مسرح الفتنة، ونارها جاهزة للإشتعال بسرعة البرق. 
وكادت الأمور تتطور بسرعة، وتذهب موجات الغضب بعيداً، بعد بروز أصوات محرضة بالثبور وعظائم الأمور، مستعيدة التهديدات السابقة بالأمن الذاتي والفيدرالية، وغيرها من مفردات الخطاب التقسيمي، وشعاراته الشعبوية الهدامة، لولا سرعة تحرك مخابرات الجيش في كشف الخيوط الأولى المؤدية إلى هوية الخاطفين السوريي الجنسية، والذين يؤلفون عصابة تحترف عمليات الخطف وتهريب المخدرات، وإرتكاب الموبقات الخارجة عن القانون، والهاربين من العدالة، والمستغلين للحدود الفلتانة بين لبنان وسوريا، والذي يساومون المخطوف وأهله للحصول على حفنة من الدولارات، مقابل إطلاق سراح طريدتهم، والحفاظ على حياته سالماً. 
وبإنتظار أن تكشف التحقيقات كل ملابسات هذه الجريمة النكراء وأهدافها المشبوهة، لا بد من تسجيل الملاحظات السريعة التالية:
١ــ لا تجوز العودة إلى الخطاب الطائفي وتحريضاته البشعة، كلما دق الكوز بالجرة، وعند حصول أي حادث غامض، ودون التبصر بالنتائج الوخيمة لهذا الخطاب، خاصة وأن الناس تعيش حالة من عدم الثقة والتوتر، نتيجة الأوضاع العامة، من الإنهيارات المالية والمعيشية الداخلية، إلى التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة يوماً بعد يوم ضد البلد المنكوب. 
٢ــ إن أي إعتداء على الحرية الشخصية، سواء بالخطف أو بالإغتيال، هو إعتداء على لبنان الوطن والدولة والدستور، الذي كفل الحقوق الشخصية، من الحريات إلى الممتلكات وصولا للحقوق الفكرية والثقافية. وبالتالي فإن كل مواطن لبناني، مهما كانت طائفته، أو ميوله الحزبية، هو عرضة لمثل هذه الإعتداءات. وهنا لا بد من التذكير بعمليات خطف عديدة طالت مواطنين من مختلف الطوائف، بما فيها الطائفة الشيعية، على إيدي عصابات من أبناء المنطقة نشطت في مناطق البقاع المختلفة. 
٣ــ إن أقصر الطرق لجلاء أولى الملابسات تقضي بإجراء إتصالات مباشرة مع الأطراف المعنية، بمن فيها المشكوك بأمرها من الخصوم السياسيين، وذلك قبل إطلاق التهم جزافاً. ومثل هذه الإتصالات كانت تحصل بين الميليشيات المتقاتلة في سنوات الحرب، عبر المسؤولين المعنيين فيها، فلماذا لا نحافظ على شعرة معاوية الأمنية، بين الأطراف المتصارعة حالياً، لتفادي الكثير من الإشكالات والمشاكل التي تهدد السلم الأهلي وما تبقى من إستقرار. 
وفي كل الحالات، تبقى عملية خطف وقتل باسكال سليمان جريمة مستنكرة و مدانة بكل المعايير الإنسانية والوطنية، وتستوجب تعليق المشانق للمجرمين، والعمل في الوقت نفسه، بتبصر لعدم الإنزلاق إلى فتنة شعواء مع النازحين السوريين. 
حماك الله يا وطني الحبيب.