يوماً بعد يوم تفضح حرب الإبادة التي يشنها العدو الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة، هشاشة وزيف إدعاءات مراكز التواصل الإجتماعي، ومؤسسات فكرية وثقافية غربية، في الحرص على حرية التعبير، وحماية الرأي الآخر، وتشجيع الممارسات الديموقراطية في العمل السياسي، ورفع شعارات المساواة وعدم التمييز بين بني البشر، إلى آخر المعزوفات المعروفة بشرعة حقوق الإنسان، التي ترفع رايتها الدول الغربية ضد الحكومات والأنظمة التي تُعارض سياساتها في العالم الثالث.
أولى الصدمات العنصرية جاءت من كبريات شركات التكنولوجيا، والمهيمنة على وسائل تواصل الإجتماعي، مثل «متاـ فيسبوك سابقاً»، و«إنستاغرام»، وأكسـ تويتر سابقاً»، و«تليغزام» وأخواتها، اللواتي بادرن جميعاً إلى حذف كل عبارات وفيديوهات التضامن مع ضحايا غزة من النساء والأطفال، وكل ما له علاقة بحقوق الشعب الفلسطيني، والإبقاء على حملات وفيديوهات التأييد للعدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة، وإغفال مظاهرات المعارضة الإسرائيلية في تل أبيب ضد الحرب، والمطالبة بإستقالة نتانياهو وحكومته، وتحميلهم مسؤولية التقصير والإهمال في الدفاع عن مستوطنات غلاف غزة.
حتى صور وفيديوهات التظاهرات التي عمّت العواصم الأوروبية والمدن الأميركية، وخاصة واشنطن ولندن، تم حذفها، بكل صفاقة، رغم أن أصحابها مواطنون أميركيون وبريطانيون.
وجاءت الصدمة العنصرية الأخيرة من مؤسسة «كريستيز» الشهيرة للمزايدات العالمية، والتي تعمل فروع لها في أكثر من بلد عربي، والعديد من زبائنها من الأثرياء العرب، كما أن الأعمال الفنية والتراثية التي تُعرض في مزايداتها، يعود العديد منها إلى فنانين عرب، ومن هواة ومحترفي جمع الأعمال الفنية والتراثية.
الإدارة المركزية لهذه المؤسسة العريقة لم تتورع عن سحب لوحتين للفنان اللبناني أيمن بعلبكي، بحجة أنهما يوحيان للكوفية الفلسطينية، ورمزيتها في النضال الفلسطيني. علماً أن لوحة الكوفية الحمراء تجسد الغدرة العربية التقليدية التي يتم ارتدائها في المملكة العربية السعودية على نطاق واسع، وتُعتبر جزءًا لا يتجزأ من الزي الوطني السعودي.
طبعاً، إن إدارة «كريستيز» ما كانت لتتجرأ على كشف تحيّزها للعدو الإسرائيلي، لو كانت تعرف أن مثل هذه الخطوة ستشكل خطراً على مصالحها في الدول العربية، أو تهدد علاقاتها مع زبائنها من كبار الأغنياء العرب.
واعرباه.. ولكم الله يا أهل غزة الميامين!
د. فاديا كيروز