بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 نيسان 2021 07:15ص قبل مناشدة السعودية العودة عن القرار...

حجم الخط
لم يستشعر الاجتماع الطارئ الذي دعا إليه رئيس الجمهورية في بعبدا مخاطر الأزمة المستجدة مع المملكة العربية السعودية، رغم حضور كبار المسؤولين الحكوميين وقادة الأجهزة الأمنية، الذين يدركون أكثر من غيرهم واقع الحدود المسيّبة أمام قوافل كل أنواع التهريب.

القرار السعودي بوقف استيراد المحاصيل الزراعية من لبنان لا يُعالج بقرارات إنشائية جوفاء، لا تُسمن ولا تُغني من جوع، ولا تُعبر عن خطوات رسمية حاسمة لمكافحة تهريب المخدرات في المنتوجات الزراعية، على نحو ما حصل في شحنة الرمان الملغومة بحبوب الكابتغون.

لا تنفع المناشدات الكلامية، ولا التمنيات الاستعطافية، في إقناع الرياض العودة عن قرار المنع، طالما أن الدولة اللبنانية غير قادرة على ضبط حدودها، والأجهزة الجمركية والأمنية مخترقة من مافيات الجريمة المنظمة، وحالة التسيب والفوضى تسود المعابر الحدودية، براً وبحراً وجواً.

ويكفي أن نسمع رئيس الجمهورية يتساءل عن مصير المناقصة التي تمت في تموز من العام الماضي لشراء آلات المسح والرقابة على حمولات الشاحنات الكبيرة، دون أن يعرف المسؤول الأول أسباب عدم تركيب هذه المعدات وإستخدامها في المرفأ والمطار ونقاط الحدود البرية.

السعودية ومعها الدول الخليجية الأخرى تعمل على حماية أمن مجتمعاتها من شرور آفة المخدرات، ولكن هل الدولة اللبنانية قادرة على حماية أمن منتجاتها الزراعية والصناعية، والحفاظ على لقمة عيش المزارع اللبناني، بالتصدي لعمليات التهريب التي تتم على «عينك يا تاجر»، وبالتواطؤ مع أطراف رسمية وسياسية، دون حسيب أو رقيب؟

لا يكفي القول أن ملف الرمان الكابتغوني المهرب إلى السعودية قد أُحيل إلى التحقيق القضائي، حتى تأخذ هذه الأزمة طريقها إلى الانفراج، لأن الاهتزازات التي تعرض لها القضاء مؤخراً، نتيجة التدخلات السياسية والحزبية الفاقعة، قد أدت إلى ضرب الثقة بمجريات العدالة، ومصداقية التحقيقات القضائية، التي غالباً ما تمنع الضغوط السياسية والرسمية من توصلها إلى كشف الحقيقة، وتسمية المتهمين والمتورطين، وما جرى في تحقيقات الإنفجار الزلزالي في مرفأ بيروت من مناورات ولفلفات مثال صارخ لواقع القضاء المغلوب على أمره.

باختصار: على الدولة اللبنانية أن تُنجز مهماتها القضائية والأمنية بحزم وشفافية واضحين، قبل إن تتسرّع بمناشدة الحكومة السعودية العودة عن قرارها، دون أن يتخذ لبنان أي تدبير جدي لمكافحة عمليات تهريب المخدرات المتورطة فيها أطراف قد تكون أقوى من هذه الدولة الفاشلة وسلطاتها المتعثرة!