تعيش مصر هذه الأيام على إيقاع الإنتخابات الرئاسية، التي ستجري في آذار ونيسان المقبلين، حيث بدأ الرئيس عبد الفتاح السيسي بلقاءات مع كوادر نخبوية، يعرض خلالها رؤيته لخطة التحديث والتطوير التي بدأها، خلال ولايته الرئاسية الحالية، متوقفاً عند الإنجازات التي تحققت، والتي فاقت أكثر التوقعات تفاؤلاً.
خلال وجودي في قاهرة المعز، لحضور مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس، تسنى لي متابعة نقاشات لقاء الرئيس المصري، مع مجموعة من الخبراء والأكاديميين الاقتصاديين، والتي اتسمت بكثير من الصراحة والواقعية، وفوجئت بهذا الكمّ من الإنجازات النوعية والاستراتيجية، خلال فترة زمنية اقتصرت على ثلاث سنوات فقط !
عندما تسلّم السيسي دفة القيادة بعد سنوات الاضطرابات التي أعقبت ثورة ٢٥ يناير، كانت مصر تعاني من أزمة كهرباء حادة، أدت إلى اعتماد نظام التقنين في العاصمة المصرية ومدن كبيرة أخرى. الخزينة كانت تئن تحت عجز يتزايد يوماً بعد يوم، والبنك المركزي يفتقد إلى الاحتياطي المريح والضروري لتأمين حاجة البلاد من القمح والمواد الغذائية الضرورية.
فكان أن استدعى السيسي، المعروف بشغفه بالإنجاز، مجموعة من رجال الأعمال، وأبلغهم استعداد الدولة لفتح مجالات الاستثمار في قطاع الكهرباء، على قاعدة إنشاء معامل الطاقة، وبيع إنتاجها لوزارة الكهرباء، التي تتولى بدورها توزيعها على المشتركين. فكان أن تم الانتهاء من أزمة الكهرباء خلال أقل من سنتين، وأصبح لدى مصر طاقة كهربائية تفوق حاجتها بأكثر من ١٥٠٠ ميغاوات!!
بصراحة، شعرت بكثير من الحسرة والحزن على وضعنا في لبنان حيث ما زلنا غارقين في ظلام الكهرباء، والتقنين الجائر منذ ثلاثين سنة تقريباً، تكبدت الدولة خلالها خسائر فاقت الثلاثين مليار دولار، وما زالت الوزارة المكهربة تفكر بحلول آنية وغير مجدية، لاستجرار الطاقة، عن طريق البواخر التركية، وما أدراك ما ملايين البواخر، والإمعان في سياسة الهدر والفساد!
خلال الفترة ذاتها، أنجزت مصر حفر القناة الموازية لقناة السويس بسرعة قياسية استغرقت عاماً واحداً فقط، كما استطاعت إنجاز حوالى ثمانين بالمئة من إعمار القاهرة الجديدة، عاصمة الغد، وثلاثمائة ألف مسكن لذوي الدخل المحدود، ومئات المدارس في مختلف المحافظات، بالإضافة إلى بناء عشرات المستشفيات الحكومية!
تُرى هل يحتاج وزراؤنا إلى دورات تأهيل وتدريب في القاهرة؟!!