بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 آب 2021 08:00ص كيف يتحقق الحلم مع إدارة فاشلة..؟

حجم الخط
مداهمات وزير الصحة لمستودعات الأدوية المدعومة، انتشار عمليات بيع البنزين والمازوت بالسوق السوداء، والعثور على ملايين الليترات المخزنة في مستودعات الجشع والربح الحرام، والتلاعب بأسعار السلع الغذائية والضرورية، والارتفاعات المتلاحقة بسعر الرغيف، كلها مؤشرات سلبية عن تدهور القيم والأخلاق في أوساط أهل التجارة، وأزلام المنظومة السياسية والطبقة الحاكمة، المستفيدين من الفوضى العارمة، واللاهثين وراء الثروات السريعة، على حساب الناس الغلابى.

هذه الوقائع المريرة التي تُهيمن على حياة اللبنانيين في هذا الزمن الرديء تطرح تساؤلات موجعة عن واقع الدولة المتشظية، والعاجزة عن وقف الإنحدار المريع الذي يُسرّع الانهيارات الجارفة لكل القطاعات الحيوية، وفي مقدمتها مقومات الدولة القادرة والمتماسكة.

لا بد من الاعتراف بأن المنظومة الحاكمة نجحت، وإلى حد بعيد، في إلهاء اللبنانيين عن الأسباب الحقيقية للمآسي التي يعيشونها، والتي تعود أساساً إلى سقوط أهل الحكم في مستنقعات الفساد والفشل، ونزع الثقة عنهم من مواطنيهم في الداخل، ومن الدول المانحة في الخارج، ومقاطعة الأشقاء والأصدقاء للبنان في هذه المرحلة الحرجة، بسبب السياسات الخارجية الرعناء، ومستوى الفساد المستشري لدى أهل القرار، والذي أوصل البلد إلى مهاوي الإفلاس والقضاء على مؤسسات الخدمات الضرورية.

المسألة ليست في شح المحروقات، ولا في غياب الكهرباء، ولا في افتقاد الأدوية من الصيدليات، ولا حتى في التراجع المستمر لقيمة الليرة أمام الدولار. المشكلة الحقيقية والعميقة التي تتحكم بمسار الأزمات المتلاحقة تعود إلى عجز المجموعة الحاكمة عن تشكيل حكومة قادرة على تحقيق الإصلاحات وإستعادة ثقة المجتمع الدولي بإمكانية الدولة اللبنانية على الخروج من النفق الحالي، وسلوك طريق الإنقاذ في أسرع وقت ممكن. هذه الخطوات التي لا بد منها لفتح أبواب المساعدات الخارجية على مصراعيها، المالية والعينية، لا سيما بواخر المحروقات والفيول لإخراج البلد من العتمة، وإطلاق ورشة إعادة تنظيم وتفعيل قطاع الكهرباء. ووجود حكومة ذات مصداقية وتضم الكفاءات النزيهة والخبرات المهنية، من شأنه أيضاً الإفراج عن المليارات الموعودة في مؤتمر سيدر ومؤتمرات باريس الأخيرة التي خصصها الرئيس الفرنسي ماكرون لمساعدة البلد المنكوب بعد كارثة إنفجار مرفأ بيروت.

ولكن كيف يمكن لهذا «الحلم» أن يتحقق في ظل إدارة فاشلة، تفتقد معايير النزاهة والكفاءة، وتكابر في سياسة العناد والإنكار، ومتمسكة بأسنانها بمصالحها وأنانياتها حتى الرمق الأخير من هذه الولاية التي تُفاخر بإيصال البلاد والعباد إلى جهنم وبئس هذا المصير؟