بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 شباط 2021 12:37ص لم يُغادر أرضه حتى بعد مماته..

حجم الخط
ما كان يسعى له الشهيد لقمان سليم في حياته تحقق في مماته، بل وفي يوم مغادرته إلى جنات الخلد، حيث تحولت مراسم دفنه إلى لقاء وطني في قلب الضاحية الجنوبية، مدعوم بتأييد الدول التي تؤيد إستقلال وسيادة وإستقرار لبنان، خاصة في هذه المرحلة العصيبة من تاريخ البلد.
 قرار دفن جثمان الشهيد في حديقة دارة العائلة يتجاوز صدمة اللحظة الحزينة، إلى رحاب الزمن الخالد، ويصل إلى قدسية المكان الذي يحتضن بترابه الشهيد، الذي أصر على التمسك بأرضه، وعدم مغادرة دارة أجداده حتى في مماته.
 لم تفلح التهديدات المتكررة التي كانت تنهال على إبن الغبيري الشجاع وعائلته الأصيلة، لا في دفعه إلى مغادرة مسقط رأسه، ولا في تغيير منهجه الفكري وخطه السياسي، المعارض لمنطق إستخدام القوة في العلاقة مع الشريك الآخر، والرافض للجوء إلى السلاح لحسم الخلافات الداخلية، مقابل التمسك بمبادئ الحوار والتسامح، والحفاظ على قواعد الحرية والديموقراطية في بلد يتميز بالتعددية السياسية والحزبية والطائفية مثل لبنان.
 مثل هذه القيم الوطنية بإمتياز ، ليست دخيلة على ثقافة وفكر لقمان سليم، بل كانت تُجسد تراثاً لمسيرة هذه العائلة السياسية والثقافية، والتي قادها المحامي والبرلماني اللامع محسن سليم منذ سنوات الإستقلال الأولى وحتى إحتدام نيران الحرب الأهلية، حيث كان والد لقمان من المعارضين المتشددين ضد الإحتراب بين اللبنانيين، وبقي يدعو للحوار بين الأطراف اللبنانية المتصارعة حتى الرمق الأخير، حيث قام بعدة محاولات لجمع بعض الأضداد، ولكن العوامل الخارجية المعروفة كانت لهذه الإجتماعات بالمرصاد، وعملت على إجهاضها وهي في بداياتها!
وهنا لا بد من التنويه بالدور الذي كانت تقوم به السيدة الجليلة سلمى مرشاق،التي لم تكن شريكة حياة محسن سليم وحسب، بل الشريكة الأولى لأفكاره وتوجهاته الوطنية الكبيرة، وهي القادمة من القاهرة حاملة تراثاً وطنياً وقومياً، وقبطياً إنسانياً مميزاً، ظهرت آثاره واضحة في كلماتها الرفيعة بعد وقوع محنة ولدها، حيث بقيت مستمسكة بالقيم الحضارية والإنسانية التي بشرت بها الأديان السماوية، داعية إلى نبذ الحقد والثأر والإنتقام، والإبقاء على مبادئ العدل والمحبة والتعاضد بين الشباب لبناء لبنان الغد.
 رحم الله شهيد الديموقراطية، وتحية تقدير للسيدة الجليلة والدته ولكل العائلة الوطنية الأصيلة.