بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 كانون الثاني 2024 12:23ص هل عفا الزمن على أهمية الرجال؟

حجم الخط
أزمة الرجولة ليست همّاً صينياً فقط، كما أوردنا في مقال الإثنين الماضي، بل أصبحت قضية وطنية للعديد من دول الأوروبية والآسيوية، بعد غزو العولمة ووسائل التواصل الحديثة، للمجتمعات الشبابية، وحرفها عن القيم والمبادئ الوطنية، والتربية السليمة، والترويج لكل أنواع الشذوذ الأخلاقي والإحتماعي، وخاصة الجنسي. 
«الرجولة في خطر» أحد عناوين فصول الكتاب الذي أصدره الطبيب الفرنسي أنتوني كلير، معتبراً أن الحياة العصرية في الدول المتقدمة أفقدت الرجال خصائصهم الجسدية والنفسية والأخلاقية، وأن الرجل البسيط في الأرياف الجبلية أو الصحراوية، هو أكثر رجولة من ملوك المال والصناعة والتجارة، وأبناء المدن الجالسين وراء مكاتبهم.
وأشار إلى أن صورة الرجل تتشابه اليوم مع صورة المرأة إلى حد خطير، وأن نجوم الغرب الذين لا يحملون القِيَم، هم القدوة والمثل، إلى جانب صُنّاع الموضة والشهرة، ويظهرون في صورهم بالأقراط في آذانهم، والباروكات على رؤوسهم، ويعلنون وهم بكامل مكياجاتهم عن زواجهم  بمثليين. ورئيس وزراء فرنسا الحالي أحد الأمثلة الحيّة لهذه الظاهرة، وكذلك العديد من الوزراء في بريطانيا ودول أوروبية أخرى. 
صحيفة «الفيغارو» الفرنسية نشرت بحثاً مطولاً عن أزمة الرجولة، تتضمن شهادات علمية لكبار الباحثين، ولكن بعضها لا يخلو من الطرافة. الباحثة الفرنسية أوليفيا غاوزالي أبدت «أسفها وشفقتها على الرجال الذين أجبروا على الإعتذار عن كونهم رجالاً»! 
أما الفيلسوف الفرنسي فرنسوا أوشي فذهب أبعد من ذلك، حيث حذّر من إستمرار «هذه اللامبالاة بالتغيير الأنتروبولوجي الذي يتم أمام أعيننا، في عالم لم يعد يبرز فيه ما يدل على أي فوارق بين الجنسين». وأشار إلى أن العالم ركز في العقود الأخيرة على تمكين المرأة على جميع المستويات، ولكن دون الإهتمام  كيف يتم هذا التمكين بحيث لا تؤثر هذه (الثورة الأنثوية) على الجنس الآخر! 
في كتابها «هل عفى الزمن على الرجال» وضعت الكاتبة الفرنسية لاتينا بونار تشخيصاً واقعياً لأزمة الرجولة، ذكرت فيه تراجع ترتيب الرجال، مستعينة بالعديد من الدراسات، التي تبين أن المرأة إستفادت كثيراً من التكنولوجيا في سد حاجاتها من الرجل، بفضل التخصيب الإصطناعي وغيره من الأمور الحيوية، في وقت لم تعد فيه القوة البدنية للرجال ذات فائدة إجتماعية! 
وتخلص يونار إلى إستنتاج لا يخلو من التهكم: «أعتقد أننا نطلب المستحيل من الرجال، حين نطلب منهم أن يكونوا أقوياء وضعفاء في نفس الوقت، وقساة ومتشددين في الخارج، ولطفاء ورومانسيين بالمنزل، لذلك أصبح الكثير من الرجال يميلون إلى الفرار من الواقع، تاركين مسؤولية إدارة العالم للنساء! فيزداد الطلاق، والعزوف عن الزواج، ويكثر العزّاب من الرجال والنساء، وتنتشر الأفكار الشاذة والقوانين المشجعة لها، وأساليب التعامل بالمثل ليتزوج الرجل من رجل، للحصول على (بديل إنتقامي) من المرأة! 
وتتزوج المرأة بالمرأة لتجسد الإستغناء عن حاجتها للرجل.
ماذا عن واقع الرجولة في لبنان والعالم العربي ؟ 
هذا يحتاج إلى أحاديث أخرى!

د. فاديا كيروز