بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 شباط 2019 01:04م "جورج زريق" يطلق صرخة تضيء على حق المواطن في التعليم

والدولة لم تحرك ساكناً للدفاع عن مدارسها الرسمية ازاء الحملة التي تتعرض لها

حجم الخط
لم يكن جورج زريق في معاناته جراء الأوضاع الاقتصادية المتردية الأول ولن يكون الأخير، وان كان اختار الموت طواعية، ولجأ الى حرق نفسه حتى الموت في باحة مدرسة ابنته احتجاجاً على الأقساط المدرسية التي عجز عن تحملها، فان هناك العديد ممن يحترقون في اليوم ألف مرة نتيجة عجزهم عن تأمين التعليم لأبنائهم، فما كان يعيشه جورج تعيشه الآلاف من العائلات اللبنانية عامة، والشمالية بشكل خاص كون الشمال يسجل أكبر نسبة بطالة وفقر على الحوض الشرقي للبحر المتوسط، وما الحوادث الكثيرة التي تسجل فيه الا بسبب حالات الفقر والعوز الغارقة فيه كل العائلات.
الملفت أنه وخلال وقوع كارثة جورج، فان أحداً من السياسيين لم يكلف خاطره بالاشارة الى أهمية التعليم الرسمي، والذي ان وجد بالفعل لانتفت كل المعاناة، لكن وللأسف وبسبب اداركهم الكلي لتأخر التعليم الرسمي ان لم نقل فشله في ظل عدم وجود سياسات داعمة له من قبل الدولة، دفعهم للتصويب على التعليم الخاص والذي يعد "البديل" في الوقت الحاضر، حتى وان اختار الأهل التوجه للمدارس الرسمية وقبلوا بها فانه من الصعوبة بمكان ايجاد الأماكن لأولادهم فكيف الحل؟؟؟
الأهل في المدارس الرسمية والخاصة
زينب أم لثلاثة بنات مطلقة وتعمل في احدى المكاتب مجال التنظيفات قالت:" بداية الأمر كان بالامكان تعليم بناتي ضمن المدارس الرسمية في منطقتنا، لكن سرعان ما ساءت أحوالي المادية ولجأت لاخراجهن الواحدة تلو الأخرى، واليوم ابنتي الكبيرة تعمل كي تساعدني في المصروف".
وأكدت زينب على ان "المواطن الفقير لا يستطيع تعليم أولاده حتى في المدرسة الرسمية كونه وللأسف الشديد يحتاج لعمله ان توفر، ظروفنا قاسية جداً وان يلومنا البعض على هذا التفكير فانه لا يمكننا الا أن نقول "حسبي الله ونعم الوكيل".
من جهته أبو جهاد حلبي يقول:" طبعاً أنا مع تعليم أولادي وان كانت الظروف قاسية وما من بوادر أمل مستقبلاً، لكن الأهل عليهم تأدية واجباتهم تجاه أبنائهم".
وعن المدرسة الرسمية يقول:" الأجواء التعليمية ليست كما يجب، والفقير لا يمكنه تقديم المساعدة الكاملة لابنه مما يحتم عليه اما الاعتماد على نفسه بالكامل واما الرسوب وترك المدرسة".
المواطن عبدالله كريم أب لخمسة أولاد في احدى المدارس الخاصة يقول:" طبعاً معاناتنا كبيرة سنوياً، بحيث نسعى الى تأمين الأقساط بكل ما أوتينا من قوة أنا ووالدتهم التي تعمل مدرسة في احدى المدارس الرسمية والتي لو كان لنا ثقة بها لما تكبدنا المشقات مع المدارس الخاصة".
ورداً على سؤال يقول:" هناك مدارس خاصة تراعي الأهل ان لجهة الأقساط وان لجهة الدفوعات، في حين أن هناك مدرسة لا يهمها لا الظروف ولا الأوضاع واذا ما جاء الوقت المستحق للدفع فانها قد تلجأ لحرمان الطالب من الامتحان، وهنا يتذرعون بأنه لا علاقة لهم كونهم "قدموا الخدمات التعليمية للطالب وما على الأهل سوى القيام بواجباتهم تجاه المدرسة".
طبيخ
رئيسة فرع الشمال لرابطة معلمي التعليم الأساسي فداء طبيخ قالت لموقع "اللواء":" المدرسة الرسمية باختصار تابعة لوزارة التربية والتي ترفدها بكل ما يلزمها، وما يجري حالياً أنه قد يتم نقل أستاذ من مدرسة هي بحاجة اليه، الى مدرسة أخرى يكون فيها فائضاً واذا ما اعترضنا يبقى الاصرار على نقله من قبل الوزارة، ومع بداية العام الدراسي لا يتم تزويدنا بالحاجات وقد ننتظر أشهر عدة كي يتم نقل الأساتذة مما ينعكس سلباً على طريقة التعليم، اضافة الى ذلك هناك التعاقد في المدرسة الرسمية، والمتعاقد يتعرض للكثير من الضغوطات جراء عدم دفع رواتبه فضلاً على أن الدولة لا تسمح له بأن يحل محل أستاذ غائب كي لا تحتسب الساعة من أجره".
وتابعت:" الى جانب ذلك هناك المستعان بهم والذين دخلوا الى التعليم بشكل الاستعانة بهم أي ليس لديهم عقود مع الدولة وهؤلاء لا يمكن زيادة عدد ساعاتهم مهما كانت الحاجة لهم ملحة، هذا هو واقع المدرسة الرسمية والتي تتحكم بها أهواء السياسيين سواء في النقل أو التعاقد أو حتى المستعان بهم، وفي المقابل تبقى صناديق المدرسة فارغة من كل الدفوعات المطلوبة بسبب عدم تحويل الأموال لها مما يساهم في عرقلة التعليم الرسمي بل وتفشيله".
وختمت:" هناك حملات تشهير للمدرسة الرسمية وهذا ما لا يجوز أبداً، والأفضل لو نتعاون جميعنا في سبيل اعلاء شأنها كونها الأجدى والأهم في مجتمعاتنا والتي تتخبط بالكثير من الهموم الاقتصادية".
 
لجان الأهل
أحد المسؤولين في لجان الأهل التابعة لمدرسة خاصة يقول:" ما يجري في مجتمعاتنا جريمة كبيرة، حيث ان ضرب المدرسة الرسمية يستمر سنوياً بل ويتفاعل فصولاً، مما يدفع الأهالي مرغمين للتوجه للمدارس الخاصة والتي "تتاجر بهم" كل سنة، فبمجرد اتباع قانون السلسلة ارتفعت الأقساط مع العلم بأن الأساتذة في الكثير من المدارس لم تحصل على الزيادة، وهم يقولون لنا كيف توافقون على زيادة الأقساط ولماذا لا تحركون ساكناً؟؟؟!!!
ورداً على سؤال يقول:" برأي ما حصل مع جورج زريق "جريمة كبيرة" ولو أن الشعب مدركاً لواقعه لما التزم الصمت، ولكنا رأيناه في الشارع منذ لحظة الاعلان عن هذه الكارثة، المشكلة في الشعب الراضخ للسلطة الفاسدة، وهنا أشير الى ان الاعتصام الذي نظم أمام وزارة التربية كتعبير عن رفضنا وسخطنا لحادثة جورج النكراء لم يشارك فيه سوى القلة القليلة، في حين أن عبارات الاستنكار وتصوير أفلام الاعتراض على الجريمة كثرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي لن تقدم أو تؤخر في الوضع القائم".