بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 حزيران 2022 12:00ص أوراق بيروتية (68).. الغنادرة: اتفاقٌ في الّلقب وافتراقٌ في النّسب

حجم الخط
قال محيي الدين ابن عربي في الفتوحات «الأسماء والنعوت صفات ما لها ثبوت نعيش في وقت بها ونموت». وصفَ الشيء لُغة نَعَته بما فيه وحلّاه. قيل الوصف المصدر والصفة الحلية. يتناول النعت صفة بدنية: طويل، قصير، سمين... أو مهنة وحرفة: نجار، حداد، دهان... أو لونا: أبيض، أسمر، أحمر... أو المبالغة في إظهار الصفة التي غلبت على الموصوف والتي تأتي بمعنى التدليل مثل دسوم وجمول وحلوم وغندور. جاء الكثير من ذلك في عائلات بيروتية ولبنانية متفقة في اللقب ومفترقة في النسب. بحيث نجد اللقب عند المسلمين والمسيحيين في كثير من المدن والقرى اللبنانية في الشمال والجنوب والبقاع وبيروت.
وقد يعتبر اللقب اسماً للشخص ولقباً لعائلة أمثال بدر وبدران والجميل والحبوب وجوجو وحلو وزين والظريف والعريس والمحب والمدلل والمكحل والغندور.
في «لسان العرب»: غلام غُنْدَر: سمين، والكلمة من السريانية (اتجندر) بالجيم المصرية والغندورة المتبخترة المتمايلة في مشيتها. ويقول أحمد أبو سعد ان الغندور من أسماء الذكور، عربي الأصل، معناه الفتى الناعم الحسن الثياب. وقد تطوّر من الاستعمال الى الدلالة على الفتى المدلل المتظرف المزهو بحسن لباسه وشكله.
*****
غندور فتح الله الشيخ
أما المسلمون من الغنادرة فيرجع البعض ارومتهم الى شمال أفريقيا، جاء منهم ثلاثة أشقاء، كان أحدهم متغندرا فغلب لقب الغندور على أحفاده، وكان الثاني فقيها فلقّب أحفاده بالشيوخ، واحتفظ الثالث بلقب فتح الله. وظلّ البعض منهم يحمل لقب غندور فتح الله الشيخ. وممن حمل لقب فتح الله المربّي عبد الباسط فتح الله.
وفي 29 من شهر شوال سنة 1233هـ/ 1818م وقف درويش القصار على مقام ومسجد السيد البدوي في طنطا دكانة معقودة بالمؤن والأحجار معروفة به وسابقا بدكان بني نقولا الجبيلي (أبو عسكر) أسفل دارهم المعروفة بهم وسابقا بدار المرحوم مولانا العالم الفاضل محمد أفندي فتح الله المفتي.
في الثالث من شهر ذي القعدة سنة 1266هـ/ 1850م اشترى سيف الدهان كادك حارة قرب زاوية الشيخ علي القصار كانت بتملّك «مصطفى ابن المرحوم محمد غندور فتح الله الشيخ». يُذكر ان مصطفى المذكور وقف في الثالث من شهر جمادى الثاني سنة 1259هـ/ حزيران 1843م الدار العلوية الكائنة في زاروب العراوي على نفسه ثم من بعده على أولاده الذكور محمد ومحي الدين وحسن وعلي وعلى من سيحدث له من الذكور ومن الإناث وشرط السكنى لبناته دون أولادهن ما دمن خاليات من الأزواج وإذا انقرضوا عاد الوقف على أولاد اخوته وإذا انقرضت ذرية هؤلاء عاد وقفا على الفقراء والمساكين القاطنين في بيروت.
أقدم لقب واسم غندور
من أقدم ما عثرنا عليه لإسم ولقب «غندور» ورد من بين الشهود في وثيقة وقف الشيخ علي القصار على زاويته المؤرخة في العشرين من شهر شعبان سنة 1091هـ/ 1680م الحاج حسن الغندور والسيد أحمد الغندور وشهاب الدين الغندور. وفي وثيقة أخرى من وثائق وقف الشيخ علي القصار المؤرخة في غرة جمادى الأولى سنة 1096هـ/ 1685م الشاهد «فخر أمثاله أحمد ابن الغندور». ولا تزال أسرة غندور موجودة في بيروت ولأفرادها مكانة علمية واقتصادية معروفة. منهم أصحاب معامل ومعاصر غندور والتاجر حسن الغندور شريك حسن القاضي في مؤسسات تجارية عديدة والطبيب الشرعي محمد روح غندور والقاضي الفاضل عبد الباسط غندور. ومن الطريف أن نشير الى ان جدّ هذا الأخير كان صديقاً لجدّي لأبي عبد اللطيف فاخوري وقد ذهبا يوما برفقة بعض الأصدقاء الى بعلبك وزارا القلعة وكان أحد أبوابها الصغيرة مقفلا من الداخل ووراء تلة من التراب، فدفعا دريهمات لأحد العمال، فتسلّقا حتى رتاج الباب وحفرا عليه اسميهما ولا يزالان حتى اليوم كما صوّرها لي أحد الأصدقاء. ومن الطرف أيضاً ان من نداءات الباعة في بيروت القديمة قولهم «نصف وقية بعشرين يا غندور ونصف وقية بقمري يا غندورة، حوّل صوبي قرّب صوبي».
الغندور العيتاني
أرّخ مفتي بيروت الشيخ عبد اللطيف فتح الله سنة 1228هـ/ 1813م عذار مصطفى الغندور ابن صالح العيتاني بقوله:
محيّاه روضٌ من الحسن زاهٍ
وكل جمالٍ غدا يعتليهِ
وان المحاسن فيه أقامت
فصار فريدا بدون شبيه
وبان لطرفي على ورده
وأرّخ هو المسك فيهِ
وقد توفي مصطفى المذكور سنة 1229هـ/ 1814م بالطاعون فرثاه المفتي عبد اللطيف فتح الله:
قفْ على ذا الضريح ثم ترحّم
واتلُ شيئاً من الكلام القديم
فيه من ذوي الصلاح شهيدٌ
مات طعنا وانقاد بالتسليم
مصطفى الغندور ابن مجدِ كرامٍ
وامطروا بالرضا رضاء الرحيم
مذ دعاه الإله نحو جنانٍ
وسرى عند ذا بقلب سليم
فاز في دار الخلد ارّخت...
ومقرا في جنة ونعيم
غندور زين عز الدين
توفي في سنة 1222هـ/ 1807م محمد غندور ابن زين عز الدين وهو نسيب (ابن شقيق) السيدة أمينة زين عز الدين زوجة المفتي عبد اللطيف فتح الله فنظّم على شاهد ضريحه:
ذا ضريحٌ يسقيه غيث جنانٍ
ورضاءٍ من الرحيم الكريمِ
هو روضٌ من الجنان فسيح
مزهرٌ بالرضوان والتكريم
حلّ فيه محمدٌ نجل زينٌ 
 من بني عز الدين أهل الفهومِ
قلت في تاريخي له حاز قرباً
وقبولاً في جنّة ونعيم
غندور عيتاني رأس بيروت
ذكر الاسم المركب غندور العيتاني في راس بيروت في الوثيقة المؤرخة في شهر ربيع الثاني سنة 1265هـ/ 1249م التي بموجبها باعت نفيسة محمد العيتاني ما آل إليها من ابنها المرحوم الحاج محمد بن غندور العيتاني الى ولد ابنها علي والمبيع سدس قطعة أرض كائنة في الرمل والسدس من حصة الجورة الملاصقة لحصة حسن الطقوش لصيق برج الحمرا وسدس العليّة التي بظهر البرج المشهور ببني العيتاني في رأس بيروت.
غندور حرب
في التاسع عشر من شهر صفر الخير 1309هـ/ 1891م باعت بديعة بنت سعيد ابن الحاج حسن فرشوخ المسالخي غرفتين في محلة الغربية يحدّهما قبلة ملك الحاج مصطفى بن محمد بن غندور حرب.
الغنادرة سرسق وسعد ويارد
حمل الكثير من المسيحيين اسم أو لقب غندور.. ففي 8 جمادى الأولى 1259هـ/ 1843م بيعت قطعة أرض في محلة الصيفي من الدهان ويارد الى المشترية سلمى هيكل خنيصر وكان من بين الشهود غندور نصور سرسق. وفي آخر شهر ذي الحجة 1259هـ/ 1843م باعت اسين ارقش قطعة أرض مفرزة من بستانها في المصيطبة الى المطران اغابيوس مطران الروم الكاثوليك وقَبِلَ الشراء عنه أنطون بن غندور يارد. وفي 13 ربيع الأول 1259هـ/ 1843م باع راجي عواد الى راجي غندور البيز وبرز من قطعة أرض في حي المقسم.
قال أحمد أبو سعد ان يوسف حفيد الخوري بشارة مبارك البشعلاني شهد معركة عين دارة، فأقطعه الأمير حيدر الشهابي قرية رشميا فاشتهر بإسم الخوري صالح وكان له حفيد عُرف بإسم الشيخ سعد بن غندور الخوري صالح فحملت الأسرة اسمه، وبرز من آل السعد الشيخ غندور ابن الشيخ سعد الذي تولى قنصلية فرنسا في بيروت والكونت غندور بك ابن الشيخ حبيب باشا السهد الذي تولى رئاسة مجلس الإدارة في عهد المتصرفية ثم النيابة والوزارة ورئاسة الجمهورية سنة 1934.
غندور زيتون
تفيد الوثيقة المؤرخة في الخامس عشر من شهر شعبان سنة 1263هـ/ 1847م ان سعيد بن علاء الدين يموت باع الى مصطفى ابن الحاج يحيى شاتيلا اثني عشر قيراطا من كرم الزيتون المحتوي على جلّين، مشتملين على أرض وغراس تين، الكائن في تين الرمل في راس بيروت بالقرب من الاتونات المحدود قبلة الأودية وشمالا بني الصايغ وشرقا ملك ورثة سيد أحمد زيتون وغربا ساقية الجنزير شركة «ورثة غندور زيتون..».
* مؤرخ