13 آذار 2024 12:00ص استقبال شهر رمضان والواجبات علينا فيه

حجم الخط
هلَّ علينا شهر رمضان المبارك وأقبل... واستقبال القادم بعد طول غياب، من أهم الأعمال والواجبات، خاصة وهو شهر الخيرات والبركات، وشهر النصر والفتوحات، وشهر الصيام والقيام، وشهر الإطعام والإحسان، بل هو شهرٌ تنزَّل فيه القرآن، على قلب النبي العدنان، عليه الصلاة والسلام.
وأهمّ استقبالٍ لشهر الصيام هو الفرح والسرور به، وغرس هذا الحب وهذا الفرح في أنفس أطفالنا وأولادنا وبناتنا حتى يحبوا شهر رمضان ويشعروا بأنهم قد قاموا فيه بحق الصيام كالكبار، ويتنافسوا فيه على الخير والإحسان، وصلة الأرحام وإكرام الأهل والجيران، ومن أهم الواجبات في استقبال رمضان نيّة الصيام لأن النبي  قال (إنما الأعمال بالنيّات وإنما لكل امرىءٍ ما نوى) والنيّة تكون في ليلة إثبات شهر رمضان بصيامه كله وفي كل ليلة منه تجدّد النيّة لأن كل يوم منه يحتاج لنيّة الصيام كنيّة الصلوات الخمس... وإنما قبول الأعمال وصحتها لا تكون إلّا بالنيّة... والصيام هو شرعنا كما هو شرع الأمم السابقة قبلنا، وقد قال رسول الله  (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه) وكل طاعة وعبادة للّه تعالى يلزم فيها إخلاص النيّة للّه وحده وعدم ملاحظة البشر بمدح أو ذمّ أو ثناء لأن الرياء بالطاعات والعبادات يذهب الثواب ويبطل الأعمال وتصبح هباءً منثوراً.
شهر الصبر والمصابرة
إن شهر رمضان المبارك هو شهر الصبر والمصابرة، والصبر ثوابه الجنة وقد قال الله تعالى {إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب} ولذلك كل الطاعات والعبادات والقربات تجازى الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعين ضعف إلى سبعمائة ضعف إلّا الصيام فلا يعلم أجره إلّا الله... وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي (كل عمل ابن آدم له إلّا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) ولهذا كان استقبال شهر رمضان المبارك بهذه الروح العالية والنيّة الصافية وليس بإعداد ألوان الطعام والشراب وأصناف الحلويات والطيبات، فهو شهر تهذيب النفوس وترقيتها لتتشبّه بالملائكة الذين لا يشغلهم طعام ولا شراب عن ذكر الله وطاعته والتقرّب إليه.
فالمسلم في رمضان ترتقي روحه إلى الملأ الأعلى فيملأ ليله ونهاره بالذكر والعمل الصالح زلفى وقربى إلى الله تعالى، وشهر رمضان هو شهر التواصل والمواساة والإنعام، وشهر إطعام الطعام، وجبر الخواطر بالكرم والصدقة، والكلمة الطيبة والإحسان، ولذلك قال نبي الإسلام سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام (من فطّر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء) أي أجر الفقير.
واجبنا تجاه غزة وأهلها
ومن هنا لا يسعنا إلّا أن نسأل أنفسنا ما هو واجبنا وواجب العرب والمسلمين تجاه جوع وعطش أهل غزة وفلسطين؟ وما هو واجب العرب والمسلمين تجاه نصرتهم على اليهود المجرمين وأعوانهم الجبابرة الظالمين؟!
ووجوب معونتهم في إبادة الحجر والبشر وكل الكيان وتحرير القدس والمسجد الأقصى وكل فلسطين ومواجهة آلة الإرهاب والظلم والتجبّر على أهلنا في غزة وفلسطين؟
كيف نستطيع أن نفطر عند الغروب وهم ليس عندهم خبز ولا طحين..؟!
كيف ننام وهم غير آمنين خائفين..؟!
كيف ننصرهم وآلة حربنا وجيوش أمتنا بالملايين لا ترى ولا تسمع الصراخ ولا الرعب والأنين للأطفال والشيوخ والنساء المساكين..؟!
هل وصل الحال بالعرب والمسلمين من البرود حتى ماتت عواطفهم وزالت رحمتهم وانطفأت أحاسيسهم بأهلهم في غزة وفلسطين..؟!
أما آن لهذه الأمة العربية والإسلامية أن تستيقظ وتفيق وتنفض عنها الذلّ والضعف والهوان والخزي والخنوع والخوف أمام الظلم والظالمين..؟!
إن لم تقم الأمة العربية والإسلامية بأشخاص حكامها ومسؤوليها بنصرة أهلنا في غزة وفلسطين فهم آثمون ومسؤولون أمام الله تعالى وأمام الشعوب العربية والإسلامية إذا لم يقوموا بهذا الفرض العيني الذي حملهم الله إياه، فإن استجابوا فلعلهم ينالوا شرف الأنصار حينما آووا المهاجرين ونصروا الدين، ولا يكونوا ممن خذلوا الدين وساعدوا في قتل وتهجير وتجويع وإبادة أهل غزة وفلسطين ونصرة اليهود الملاعين وأمم الكفر الذين فقدوا كل الشعارات التي تجمّلوا بها أمام العالم ليخفوا حقيقتهم التاريخية أنهم قتلة مجرمون..؟!
هذا شهر رمضان فرصة لكل المقصّرين من العامة والحكام والزعماء العرب والمسلمين حتى يكونوا من التائبين المنيبين المستغفرين فيرفعوا عنهم وعن أمتهم في شهر النصر والفتوح، شهر حطين وعين جالوت الذل والهوان، وتكتب لهم العزّة والكرامة والنصر والتمكين والإيمان في شهر تفتح فيه أبواب الجنة والرحمات وتقبل فيه التوبة والإنابة إلى الله الرحيم الرحمن، وإن لم يغفر لكم أيها الحكام والزعماء في رمضان فمتى يغفر لكم..؟!
والنصيحة والصدق هما خير الكلام..؟!