بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 آب 2019 12:05ص الأسرة وذكرى الهِجرة النبوية الشريفة: فرصة ثمينة لغرس المعاني الطيِّبة والنبيلة في نفوس الأبناء

حجم الخط
تمثّل الهجرة النبوية الشريفة من مكة إلى المدينة المنورة حدثاً فاصلاً بين مرحلتين من مراحل الدعوة الإسلامية هما المرحلة المكية والمرحلة المدنية، حيث غيّرت الهجرة مجرى التاريخ الإسلامي وشيّدت على أثرها الدولة الإسلامية، إذ قال الله تعالى في كتابه العزيز: {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ* إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا* فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، كما اشتملت على دروس عظيمة في التربية بحيث قدّمت ممارسات عملية للمبادئ والقيم التي يتوجب على الأهل تعليمها لأبنائهم.

ففي الهجرة نرى معاني النجاح المُبنى على التخطيط والاعداد المدروس والتوكّل على الله والاعتصام به وإستشعار معيّته، وهذا ما يجب أن ننشئ عليه أجيالنا.

دروس للأسرة

ومن خلال الهجرة نعلّم أبناءنا دور الأطفال والفتيان العظيم في نصرة الإسلام عبر التاريخ الإسلامي والمتمثل في الهجرة في دور عبد الله بن أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب.

ومن خلال الهجرة نعلّم أبناءنا القيمة العظيمة للأمانة في الإسلام وكيف إستبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا علي بن أبي طالب ليردّ الأمانات إلى أهلها وهم الكافرون أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنحن نرعى حقوق الناس جميعاً حتى حقوق الأعداء وهذه فرصة لغرس خلق الأمانة لأبنائنا.

ومن معاني الهجرة نزرع في نفوس أبنائنا الفدائية المتمثلة في مبيت سيدنا علي مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي خارج البيت أربعون رجلاً يتربصون بالقتل.

ونعلّم أيضاً في الهجرة الشجاعة العظيمة الرائعة المتمثلة في موقف سيدنا عمر بن الخطاب وتحدّيه لرجال الباطل بأجمعهم عند هجرته.

وكذلك نعلّم ان الباطل مهما كان قوياً فالله تعالى أقوى من أي قوي وان الباطل نهايته الهزيمة والفشل مهما طغى وتجبّر، ومهما امتلك من إمكانيات ومهما خطّط ودبّر..

ونعلّمهم أيضاً حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه.

ومن هنا يأتي الدور الكبير للأسرة في غرس هذه المعاني الراقية في نفوس أبنائنا.

القوزي

{ في هذا الإطار، أشار الشيخ مازن القوزي رئيس دائرة المساجد في المديرية العامة للأوقاف إلى أن الهجرة النبوية تتمثل بخروج الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وقد أحدثت الهجرة فاصلاً بين مرحلتين أساسيتين من مراحل الدعوة الإسلامية، كما أنها غيّرت مجرى التاريخ الإسلامي لما اشتملت عليه الهجرة من عِبَر وحكم وقيم ومعانٍ ومبادئ لا تُعد ولا تحصى، وبالتالي يجب على الأهل والمدرّسين وعلماء الدين أن يستخدموا أساليب جديدة وحديثة بغرس أحداث الهجرة ومعانيها في عقول الأبناء فممكن استخدام الأساليب المتطوّرة مثل المرئيات والرسومات والأفلام وغيرها، فمن المهم أن نشجّع أطفالنا على القيام ببعض الأنشطة من أجل ترسيخ مفهوم الهجرة لديهم.

وأضاف: ومن هذه الأنشطة نذكر منها عمل بحث عن الهجرة ودراستها من خلال كتب السيرة حيث يتمكن الأبناء من تخيّل الأحداث وسردها كقصة لأخوانهم الصغار وأصدقائهم. ويمكن أيضاً العمل على رسومات تحدّد أحداث الهجرة ومشاركتها في الصف.

يجب أيضاً حثّ الأولاد على مشاهدة الأفلام الكرتونية التي تسرد قصة الهجرة، إضافة إلى ذلك، ومن المحبذ أيضاً العمل على مسرحية يتمحور موضوعها على العبر والمبادئ التي نستخلصها من الهجرة، ومن المفيد أيضاً جلب بعض الأشرطة التي تتضمن أناشيد تتحدث عن الهجرة كما يجب أيضاً أن نذكّر أولادنا بضرورة لصق بعض القيم والحكم على جدران المدرسة أو غرفتهم كي تذكّرهم دائماً بضرورة اتباع تلك القيم والحكم في حياتهم اليومية.

وفي النهاية، فإن المناسبات فرصة جيدة لغرس القيم عند الأولاد بحيث يتم توضيح بعض المفاهيم والتعرّف على ديننا أكثر، ففي ظل الإحتفال بالمناسبات في جو من الفرح والبهجة تُصبح عقول الأولاد مهيّأة أكثر لتلقّي المعلومات التي تجعلهم أقرب إلى الله وأكثر مرونة في فهم دينهم الإسلامي.

رعد

 { وفي هذا الإطار، قالت الاختصاصية التربوية مريم رعد: ان المناسبات بكل أشكالها تشكّل فرصة طيبة لغرس القيم وتوضيح المفاهيم واحداث النقلات التربوية المتعددة، فالنفوس في جو الاحتفال تكون مهيّأة أكثر للتلقّى، حيث الجو يتسم بالفرح والبهجة والسرور، لذلك يجب على الأسرة أن تعتبر المناسبة كفرصة تربوية وأداة ممتازة من أروع أدوات التربية.

وتلفت انه بمناسبة رأس السنة الهجرية على الأسرة أن تنمّي في نفوس أبنائها أهمية هذه الذكرى من خلال عرض أحداث الهجرة بأسلوب راقٍ ومتطوّر بدءاً من الحكاية النظرية المشوّقة ثم الاستفادة من الأساليب الحديثة مثل الصوتيات والمرئيات والرسوم وأفلام الكرتون، وتشجيع الأطفال على القيام ببعض الأنشطة مثل عمل بحث عن الهجرة ودراستها من كتب السيرة، حفظ بعض الأناشيد التي تتحدث عنها، كل هذه الأمور يجب أن تتم بأسلوب مبسّط ومحبّب يتناسب مع أعمار الأولاد ويحرّك وجدانهم، لذلك لا بد أن ينتقي الأب أو الأم وهما يقصّان على أولادهم من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وحياة الصحابة رضوان الله عليهم ما يثير وجدانهم مثل طفولته وكيف نشأ يتيماً وبعض حياته عند السيدة حليمة السعدية وليلة الهجرة وكيف أغشى الله أبصار المشركين وغير ذلك مما يجذب عقول الأولاد وقلوبهم لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاهتمام بلذّة المناسبة العظيمة كل عام، والأفضل لو خصّص الوالدان مع اقتراب رأس السنة الهجرية لسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتاً مناسباً من درس الأسرة اليومي يقوم فيه الأطفال بالقراءة في الكتب المبسّطة عن هذا الحدث العظيم.

وتلفت ان للأهل دوراً كبيراً في تعويد الأطفال مع قدوم كل عام هجري على الاحتفال بهذه المناسبة من خلال تزيين جدران المنزل بالزينة وتوزيع الحلوى وإقامة المدائح النبوية في المنزل مما يرسّخ في ذهن الأطفال مع مرور كل عام أهمية الاحتفال بهذه الذكرى، فعلى الأهل أن يعوّدوا أبناءهم منذ صغرهم الاهتمام بالتاريخ الهجري كأهتمامهم بالتاريخ الميلادي وتعويدهم أن يكتبوا التاريخ الهجري وأن ينظموا حياتهم عليها..

واختتمت: ان للأهل دوراً كبيراً في تنشئة أطفالهم التنشئة الإسلامية الصحيحة وتعوديهم على الاهتمام بالمناسبات الدينية الإسلامية كمناسبة رأس السنة الهجرية التي تمثل محطة للتغيير في التاريخ الإسلامي والتي تحمل في طيّاتها معاني التضحية والفداء والصبر على هذه الصفات التي يجب غرسها في نفوس ابنائنا لننشئ جيلاً إسلامياً محبّاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.