18 آذار 2024 12:00ص الدعاة للمسلمين في شهر رمضان: شهر الخير بكل مجالاته فلنحسن اغتنام أوقاته..

الشيخ وسيم مزوق الشيخ وسيم مزوق
حجم الخط
يعيش المسلمون اليوم في رحاب الشهر المبارك الذي انتظروا حلول موعده بفارغ الصبر، ليكون مُلَطِّفاً لأرواحهم، مُرَوِّضاً لأجسامهم، مُهَذِّباً لنفوسهم..
فشهر رمضان يزيد في إيمان المؤمنين، ويُنمّي عواطف البرِّ عند المحسنين، ويفتح مجال التوبة والإنابة أمام العصاة والمسرفين.. 
فكيف يكون المسلم فيه؟ وما هي الأمور التي عليه الإلتزام بها؟..
وكيف يغتنم الفرصة فيه ليكون شهر التزوّد بالخير؟..
وكيف نحوّله إلى شهر التغيير نحو الأفضل، وشهر الإصلاح لكل ما فسد في حياتنا؟..
مزوق
بداية قال رئيس دائرة الفتاوى في دار الفتوى الشيخ وسيم مزوق: يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم في الجنة ثمانية أبواب فيها باب يسمّى الريان لا يدخله إلّا الصائمون، وفي رواية فإذا دخل آخرهم أغلق، من دخل فيه شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا. فها نحن أكرمنا الله بشهر رمضان المبارك في هذا العام نسأله أن يدخلنا الجنة في أبوابها الثمانية ولكن لا يكون ذلك بالتمنّي فقط بل لا بد من العمل والجدّ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يجتهد بالعبادة في رمضان أكثر من باقي الشهور وذلك لما في هذا الشهر من النفحات ومن مضاعفة الأجور فقد قال صلى الله عليه وسلم إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وأغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين، فالله عزّ وجلّ أعاننا بتصفيد كبار الشياطين لنتفرغ للعبادة ونستطيع أن نقوم الليل ونصوم النهار ونحن نطلب العون والمدد من الله.
وأضاف: الشيطان الذي يقارن الإنسان ليبقى معه يضعف في رمضان بسبب الذكر والتسبيح والصدقات وسائر الطاعات، لذلك أدعو جميع الصائمين أن يكثروا من الطاعات ولا يقومون بالتسويف والتأجيل لان رمضان يمضي سريعا ولا يعلم أي الإنسان هل سيبقى الى آخر رمضان أو يأتيه ملك الموت فالمبادرة ادخال الفرح والسرور الى قلوب الفقراء والمساكين وذلك بتأمين الطعام لهم وسائر الحاجات من الدواء وأجرة المسكن حسب قدرة كل إنسان منا فهذا أيضا من أعظم العبادات أن تفرج هموم الناس فكان صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان، وأن يجعلنا الله سبحانه وتعالى من رواد المساجد في الصلوات الخمس وصلوات التراويح في الجماعة لان من أسباب النصر أن نعود الى بيوت الله في شهر رمضان.
وقال: أتوجه بكلمة الى التجار أن لا يستغلو حاجات الناس في هذا الشهر المبارك حيث نرى البعض للأسف يطمع ولا يشبع فيقوم برفع المواد الغذائية ولا يرحم الفقير، وأقول لهم أيضا إياكم و الغش لان بعض التجار يستغلون بعض الشهر بتصريف البضائع ربما الفاسدة أو التي اقترب انتهاء أجلها حيث يغيّرون ويزوّرون تاريخ الصلاحية فليتقوا الله و ليعودوا إليه في شهر التوبة والرحمة.
وتابع: وعلينا أن نرسل المساعدات الى أهلنا في فلسطين وغزة سواء من مال وصدقات أو من الزكاة فهم مرابطون ومجاهدون في وجه اليهود الصهاينه وهذا أقل القليل أن ندعم بالمال معذرة الى الله لاننا سنسأل ماذا قدمنا لهم ونحن في شهر رمضان وهو شهر الانتصارات فنسأله سبحانه في هذا الشهر الأمن والمال في سائر أوطان المسلمين، ونسأله النصر لاخواننا في فلسطين فعلينا بالدعاء عند الافطار وعند السحر وندعو لأنفسنا أن يثبتنا في طاعته في رمضان وبعده.
وبالختام أتوجه الى الأمهات والزوجات بأن يستثمرن أوقاتهن في هذا الشهر بالطاعات ليس الوقوف في المطابخ اعداد الحلويات لان شهر رمضان ليس شهر الطعام والشراب إنما هو شهر الصيام والقيام والقرآن ولا يفهم من كلامي ان لا تحضر الطعام لأهل بيتها بل ذلك مطلوب وهي مأجورة عليها وهي تتعبّد ربها ولكن دون افراق أو تفريق ونقول للزوج عليك أن تشكر الله إذا رزقت أما أو زوجة صالحة تهتم بك وبأولادك، ونذكّر بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم استوفوا في النساء خيرا فليكونوا من أهل الخيار وليحسنوا معاملة زوجاتهم في هذا الشهر المبارك.
شعراوي
أما الشيخ د. خليل شعراوي مدرّس الفتوى، فقال بدوره: يقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخرَ يومٍ من شعبان، فقال: «يا أيها الناس، إنَّه قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، فيه ليلة خير من ألف شهر، فرض الله صيامه، وجعل قيام ليله تَطَوُّعاً، فمن تَطَوَّع فيه بخصلة من الخير، كان كمن أدّى فريضة فما سواه، ومن أدّى فيه فريضة، كان كمن أدّى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزداد فيه رزقُ المؤمن، من فطر صائماً، كان مغفرةً لذنوبه، وعتقَ رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن يُنتَقَصَ من أجره شيءٌ، قالوا: ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم، قال: يعطي الله هذا الثواب من فطّر صائماً على مذقة لبن، أو تمرة، أو شربة ماء، وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، ومن خفف عن مملوكه فيه، أعتقه الله من النار».
فها هو شهر رمضان الذي ينتظره المسلمون قد أهلَّ بفضل الله عليهم، فعلى المسلم أن يشمّر عن سواعد الجد فهو أيام معدودات فمن خسر رمضان فما يكون قد ربح؟
فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «... مَن كان من أهلِ الصيامِ دُعِيَ من بابِ الرَّيَّانِ».
وقال: والصيام هو تزكية للنفس من كل ناقصة وأجره كبير عند الله، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصيامُ جُنَّةٌ، فلاَ يَرْفُثْ ولا يَجهلْ، وإنِ امْرُؤٌ قَاتلهُ أوْ شاتَمَهُ، فَليَقُلْ إني صائمٌ مَرَّتينِ. والذي نَفسي بيدهِ لُخلوفُ فمِ الصائمِ أطيبُ عِندَ الله تعالى منْ ريحِ المِسكِ، يَترُكُ طعامَهُ وشرابَهُ وشهوتَهُ منْ أجْلِي، الصيَامُ لي وأنا أجزِي بهِ، والحسنةُ بعشرِ أمْثالِهَا».
وأضاف: في شهر رمضان ليلة عظيم هي خير من ألف شهر وهي ليلة القدر، قال الله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ. تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ. سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر:1-5]، ورمضان شهر مغفرة الذنوب فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَن صامَ رمضانَ إيماناً واحتساباً غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ».
ورمضان شهر قراءة القرآن وهي من أعظم العبادات في هذا الشهر فقد قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ..} [البقرة:185].
ورمضان شهر الانفاق فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ».
والعمرة في رمضان تعدِلُ حجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار: «ما منَعَكِ أن تَحُجِّي معَنا» قالت: لم يكن لنا إلّا ناضحان، فحجّ أبو ولدها وابنها على ناضح، وترك لنا ناضحاً ننضح عليه، قال: «فإذا جاء رمضانُ فاعتمِري، فإنَّ عُمرةً فيه تعدِلُ حجَّةً»، وفي رواية لمسلم: «حجَّةً معي». والناضح هو بعير يسقون عليه.
فرمضان شهر قد جعل الله فيه خيرات وانتصارات كثيرة، أدامه الله علينا ورزقنا خيره وخيراته في الدنيا والآخرة.
تحقيق: منى توتنجي