بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 أيار 2021 12:00ص لعمل صادق يخرجنا من الأزمات

حجم الخط
الحَمْدُ للّهِ الَّذي أَتَمَّ عَلَيْنا، بِفَضْلٍ مِنْهُ وإِحْسَانٍ، شَهْرَ رَمَضانَ، {الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185]؛ والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسُولهِ، مُحَمَّدٍ بِن عَبْدِ اللهَ، الَّذي بَلَّغَ الرِّسالَةَ وأدَّى الأَمَانَةَ، وأَرْشَدَنا، بِهَدْيٍّ مِنْ رَبِّ العَالَمِين، إِلى الإسْلامِ دِيناً وعِبادَةً ومَنَاسِكاً.

ها إنَّ عِيدَ الفِطْرِ المُبارَكِ يَهُلُّ عَلَيْنا، أيُّها الأَحِبَّةُ الكِرامُ، وقَدْ تَأخَيْنا فِيهِ مَعَكُم، في «المَرْكَزِ الثَّقافِيِّ الإسْلامِيِّ»، عَبْرَ هَذِهِ المِنَصَّةِ الإلكترونِيَّةِ التي بادَرْنا إلى إنْشائها واسْتِخْدامِها، تَناسُباً مَعْ قَوْلِ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، 

{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة:195]، ووِفاقَ ما يَقْتَضِيهِ الحالُ العامُّ، مِن حَذَرٍ في التَّخالُطِ المُجْتَمَعِيِّ المُباشِرِ، جَرَّاء الحَيْطَةِ مِنْ انْتِشارِ وَبَاءِ «كُورُونا». فها نحنُ وقد أصْبَحْنا، والحَمْدُ للّهِ، في قُرْبٍ مِنْ قلوبِكُم، نَتَبادَلُ وإيَّاكُم دَعَوات التُّقى وأفكارَ الألْفَةِ ونِداءاتِ المَحَبَّةِ. وكانَ أَنْ تَطَوَّعَ كَثِيرونَ مِنْكُمُ، بِالكِتابَةِ فِي مَوْضُعاتِ الثَّقافَةِ الإسْلامِيَّةِ وقَضاياها؛ فَأَحْسَنوا وأَفادُوا، وساهَمُوا مَعنا في تَأدِيَةِ جانِبٍ مِنْ رِسالَةِ «المَرْكَزِ الثَّقافِيّ الإسْلامِيِّ»، التي آلَيْنا على أَنْفُسِنا، وبِعَوْنِ ربِّ العَالَمِين، أنْ لا يَقِفَ عائِقٌ في سبيلِ تَأدِيَتِنا لِأمانَةِ القِيامِ بأَعْبائها. فَلِهَؤُلاءِ الشُّكْر مِنَّا؛ وأَجْرُهُم، بإِذْنِ اللهِ، مِنْ الحَيِّ القَيُّومِ، الَّذي لا تَضِيعُ عِنْدَهُ الأَعْمَالُ، وقَد جاءَ في كِتابِهِ الشَّرِيفِ قَوْلُهُ {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [الكهف:30]. 

إِنَّنا، إِذْ نَرى، في هّذِهِ الأَيَّامِ الأَواخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضانِ المُبارَكِ، شَهْرِ الخَيْرِ وَالبَرَكَةِ، ما يَقُومُ بِهِ أَهلُنا في فِلَسطينَ، مِنْ ثَوْرِةِ الحَقِّ الإسلامِيِّ وغَضْبَةِ الكَرامَةِ العَرَبِيَّةِ، في وَجْهِ الغَصْبِ الصُّهيونِيِّ الفاجِرِ لأرضِ فِلَسطين، وحقُوقِ شَعْبِها وحُرْمَةِ المَسْجِدِ الأَقصى فِيها، فإنَّنا نُؤَكِّدُ وُقُوفنا الدَّائم إلى جانِبِهم، وأنَّنا ما زِلْنا على عَهْدِنا الذي عاهَدْنا اللهَ عَلَيْهِ، مُنْذُ أنْ تَأَسَّسَ «المركزُ»، بأنْ نَنْصُر الحقَّ، وأنْ نُنْجِدَ المَظْلومَ، ونَرْفَعَ رَايَةَ الإسلامِ خفَّاقَةً حُرَّةً، كما عَلَّمنا نَبِيُّنا، رَسُولُ اللهِ مُحَمَّدٌ بنُ عَبْدِ اللهِ؛ فَكَيْفَ بِنا لا نَكُونُ كَذَلِكَ، والأَمْرُ مُتَعَلِّقٌ بالأَرضِ الَّتي بارَكَ اللهُ حَوْلَها، وإِلَيْها أَسْرى بِعَبْدِهِ، رسوُلُهُ ونَبِيُّنا مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمً، لَيلاً، ومن عَلى ثَراها صارَ قابَ قَوْسَينِ أَوْ أَدْنى؟!!

لَكُمْ مِن «رِئاسَةِ المَرْكَزِ»، وَكذلكً مِن «مَجْلِس الأُمَناءِ» وَ«الهَيْئَةِ الإدارِيَّةِ» فِيهِ، أَطْيَبَ التَّهانِي، بالعيِدِ السَّعيدِ؛ أعادَهُ اللهُ عليكُمْ وعَلَيْنا، بِالخلاصِ مِما نَحْنُ جَمِيعاً فِيهِ، مِن أسى وتَرَحٍ وجَزَعٍ وَحُرْقَةٍ وغَمٍّ وغُصَّةٍ وغُمَّة.

لَقَدْ واجَهنا وإيَّاكُمُ، أيُّها الأَعِزَّةُ الكرامُ، في السَّنَتَيْنِ المُنْصَرِمَتَيْنِ، جَرَّاء ما اتُّخِذَ مِنَ احْتِياطَاتٍ صُحِيَّةٍ وتدابيرَ اجْتِماعِيَّةٍ، مُكافَحَةً لِوَباءِ «كُورونا»، صُعُوبَةَ التَّباعُدِ المُجْتَمَعِيِّ المُباشِرِ بَيْننا، بالتَّوقُّفِ عن تَقْديمِ المحاضراتِ العامَّةِ في قاعَةِ «المرْكَزِ»، والتَّقليلِ، قَدْرَ المُمْكِنِ، من اجْتِماعاتِ اللِّجانِ العامِلَةِ فيهِ؛ فاقْتَصَر نشاطُنا على تَفْعيلِ أَقْصَى ما بإمكانِنا مِن قُدراتِ التَّواصُلِ الإلكترونِيِّ؛ أكانَ الأَمْرُ عَبْرَ «المَنَصَّةِ الإِلكْترونِيَّةِ»، أو مِن خِلالِ العَمَلِ على تَحضيرِ الكِتابِ السَّنويِّ الرَّابعِ عَشَرِ للمركزِ؛ وقد كانَ لِسانُ حالِنا في هذا، ما عَرفْناهُ مِنْ قولِ اللهِ، العليمِ الحَكِيمِ، {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران:139].

جَاءَ «الكِتابُ السَّنويُّ»، لِهذِهِ السَّنةِ، في إخْراجٍ أَنِيقٍ مُلَوَّنٍ، مُزْدانٍ بالصُّوَرِ والزَّخارِف؛ وفي مَحاوِرَ أَساسٍ فِيهِ، قامَتْ عَلى «التَّقرِيرِ السَّنَويِّ المُفَصَّلِ لِلمَرْكَزِ»، و«مَوْضُوعاتِ افْتِتاحِ المِنَصَّةِ الإلكترونِيَّةِ وما أعْقَبَها مِن الدِّراساتِ والمقالاتِ التي وَرَدَت خِصِّيصَاً لِمُناسَبَةِ المَوسِمِ الثَّقافِيِّ لشَهْرِ رمضانَ لسنةِ 1441 هجْرِيَّةِ»، والكِتاباتِ التي وَضَعتُموها في «الذِّكرى الحادِيَةِ والثَّلاثِينِ لاسْتِشهادِ سَماحَةِ مُفتِي الجُمْهُورِيَّةِ اللُّبْنانِيَّةِ الأَسْبَقِ الشَّيْخِ حَسَن خالِد»، وما نَشْرْتهُ مِن أَعْمالٍ قَيَّمةٍ، لِباحثينَ وكُتَّابٍ مُسْلِمينَ ومَسِيحيينَ، في «المَوْسِمِ الثَّقافِيِّ الصَّيْفِيِّ»، وجاء، بعدَ هذا، «نَعْيُ «المَرْكَزِ» لِأمِينِ الشُّؤونِ الثَّقافِيَّةِ فِيهِ، سماحَة القاضي الدكتور الشَّيخ يَحْيى الرَّافِعي، وتأبِينُهُ مع سِجِلِّ التَّعازي الذي فَتَحَهُ «المَركَزُ» لِهَذِهِ المُناسَبَةِ.

وكَيْفَما دارَ الأَمْرُ، أَيُّها الأَخَواتُ والأُخْوَةُ الكِرام، فَما مِنْ اَحَدٍ يَقْدِرُ على تَجاوُزِ ما صارً إِلَيْهِ الحالُ العامُّ، في بَلَدِنا ووَطَنِنا لُبنان؛ مِنْ تَرَدٍّ سِياسِيٍّ، وَوَهَنٍ إدَارِيٍّ، وانْتِهابٍ مَالِيٍّ، وَتَرَدٍّ اقْتِصَادِيٍّ وَبُؤْسٍ اجْتِماعِيٍّ، وقَلَقٍ مَصِيرِيٍّ؛ نَضْرَعُ مَعَكُم إلى اللهِ، السَّمِيعِ، البَصِيرِ، الحَكَمِ، العَدْلِ، اللَّطِيفِ، الخَبِيرِ، الحَلِيمِ، العَظِيمِ، أَنْ يُلْهِمَنا جَمِيعاً، العَمَلَ على خَلاصِنا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ؛ مُتَوَكِّلينَ على الوَاحِدِ الأَحَدِ، ضارِعينَ إِلَيْهِ، بِما عَلَّمَنا إيَّاهُ قَوْلُهُ العَظِيمُ في القُرْآنِ الكَرِيمِ، مُناِشِدِينَ رَبَّ العِزَّةِ، وإيَّاكُمُ، بِخُشُوعٍ مُخْلِصٍ ورَجاءٍ صادِقٍ وإِيمانٍ صَفِيٍّ طاهِرٍ، {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ*وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [يونس:85-86].

والسَّلامُ عَلَيْكُمُ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكاتُهُ، وكلُّ عامٍّ وأنْتُمْ بِخَيْرٍ.



* رئيس المركز الثقافي الإسلامي