بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 تشرين الأول 2020 12:00ص مع اقتراب ذكرى المولد رسالة إلى كل مسلم في بلادنا: إلى متى سنبقى في كل أمورنا غرباء عن صاحب الذكرى..؟!

حجم الخط
ها قد دخل علينا شهر ربيع الأول.. 

وها قد بدأ كثير من المسلمين بالاحتفال بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم - أو حتى بالاستعداد للاحتفال -  لتعود معهم نمطية الفكر وتقليدية المفهوم لهذه الذكرى العطرة، فنراها كما في كل عام تقتصر على أنشودة هنا وابتهال هناك وكلمة هنالك.. ثم انتهى الأمر..؟!

لقد حان الوقت أيها السادة لنسأل أنفسنا وبكل صراحة وبعيدا عن نظرية المؤامرة التي قضت علينا فكر وعلما وعملا..!!

إلى متى سنبقى غرباء عن رسولنا صلى الله عليه وسلم وعن سنّته الشريفة..؟!

إلى متى سنظل اجتماعيا وتربويا وأسريا وعلميا وحضارة مخالفين لوصاياه عليه الصلاة والسلام، ومتى سنعود حقيقة إليه صلى الله عليه وسلم كأمة، بدينها وأخلاقها وسلوكياتها ومسيرتها وأعمالها..؟!

بل متى ستكون الذكرى موسم إنطلاقة جديّة للبدء بتنفيذ أعمال صالحة للبلاد وللعباد..؟!

الاحتفال بالاتباع

لا يعتقدن أحد أننا نرفض إقامة الاحتفالات بذكرى المولد أو إلقاء الخطابات المؤثرة والأناشيد الطيبة، بالطبع ليس هذا قصدنا، ولكن وبكل بساطة أقول... لقد زاد عن حدّه حتى أصبحنا لا نفعل شيئا سوى الاحتفالات الجوفاء والخطابات..

فبتنا أمة قولية.. تقول وتقول وتقول ثم تتغزّل بأقوالها... ولا تفعل شيئا..؟!

حتى نسينا ونسي الجيل الصاعد كله أن صاحب الذكرى دعانا إلى فضائل الأعمال في شتى مجالات الحياة وليس إلى التغنّي بالأقوال..؟!

نسينا أنه صلى الله عليه وسلم قال «الخلق كلهم عيال الله وأحب خلقه إليه أنفعهم لعياله».. ونسينا أنه أخبرنا بأقرب الناس إليه فقال: «إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي مَجْلِساً يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقاً».. ونسينا.. ونسينا.. ونسينا... 

فأي عن احتفال وعن أي ذكرى تتحدثون..؟!

هل فكرتم أيها المحتفلون جميعا.. أن نوحّد الجهود لننشئ بأموالها وتكاليفها «صندوقا» مخصصا لمساعدة الشباب على دخول الجامعات في تلك الأيام النحسات التي نعيشها..؟!

وهل خطر على بالكم.. أن يكون احتفالنا بذكرى مولده عبر كفالة مرضى يقفون على أبواب المستشفيات عاجزين عن تلقّي الدواء...؟!

وهل تأمّلتم أيها المحتفلون حال الشباب المدمّر نفسيا وفكريا واجتماعيا، ثم قلتم نريد أن نطبق معهم قول من نحتفل بذكراه (... من نفَّس عن مؤمنٍ كربةً من كُرَب الدنيا، نفَّس الله عنه كربةً من كُرَب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسرٍ، يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، واللهُ في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)...

بل أسمحوا لي أن أقولها صراحة...

هل سألتم أنفسكم يوما لماذا أصبحنا في كل مجالات الحياة، نعيش في هوان وفي حزن وفي كرب وفي عجز وفي مشاكل لا قدرة لنا على حلّها، رغم وصية الله تعالى {وَلَا تَهِنُواْ وَلَا تَحْزَنُواْ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}..؟!

هو الذي صلى الله عليه وسلم كان الأسوة الحسنة في أخلاقه فقال الله له {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} فهل أخلاقنا كما أراد النبي صلى الله عليه وسلم...؟!

هو الذي خاطبه المولى تعالى فقال له: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}.. فهل تعاملاتنا وعلاقاتنا قائمة على الرحمة واللين والعفو والمشاورة...؟!

هو الذي روى عنه أنس بن مالك رضى الله فقال: «خدمته عشر سنين، ما قال لي أفٍ قط، ولا قال لشيء فعلتُه لمَ فعلتَه؟ ولا لشيء لم أفعله ألا فعلت كذا؟».. فكيف علاقتنا بمن هم دوننا..؟!

هو الذي بيّن لنا فضل العلم في كل مجالات الحياة.. فهل أحسنّا العلم والتعلّم والعمل بالعلم..؟!؟

العودة الصحيحة

إنني - وبصوت آسف أن أقول أنه يائس- ومع دخول شهر المولد النبوي الشريف، نناشد كل مسلم فهم أمور دينه وعرف حقيقة العلاقة مع النبي صلى الله عليه وسلم أن يبدأ ولو على إطار شخصي بتصويب مفهوم الاحتفال بذكرى المولد حتى يكون برهاناً على حسن الانتماء إلى من نحتفل بذكرى مولده..؟!

إن الأعمال المطلوبة والمتاحة كثيرة جدا جدا جدا، ولكن ما نعاني من غيابه هو أولا تلك العقول النيّرة التي أدركت حقيقة رسالة صاحب الذكرى صلى الله عليه وسلم فسعت في الارتقاء حتى تكون على مستوى شرف الانتماء إلى خير البريّة صلى الله عليه وسلم...؟! وهو ثانيا تلك الرغبة في العمل والتقدّم وتصحيح الصورة والمفهوم..؟!

ومن هنا فإن المطلوب اليوم وبسرعة أن نعود بعبادتنا وأخلاقنا وتصرّفاتنا وعلاقاتنا وأعمالنا وزواجنا وأبنائنا وأهلنا وجيراننا وأصدقائنا وكل أمور حياتنا إلى شرف الاقتداء برسول الله عليه الصلاة والسلام حتى نرى أثر هذا الاقتداء في نفوسنا ومجتمعاتنا..؟!؟

bahaasalam@yahoo.com