بيروت - لبنان

اخر الأخبار

أقلام عربية

11 نيسان 2023 08:52ص اللبنانيّون الأوكران شهود على الحرب.. وضحايا

حجم الخط
جاء في "الراي" الكويتية: بعد مرور أكثر من عام على الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لا يزال اللبنانيون في كييف ومدن أخرى يعيشون تبعات المعارك التي لا تهدأ وانعاكساتها على حياتهم اليومية وخياراتهم الشخصية.

هم هناك عالقون بين وطنيْن، أوكرانيا التي استضافتْهم وفتحتْ لهم ذراعيْها ومنحتْهم جنسيّتها، ولبنان الوطن الأمّ الذي تشدّهم إليه الجذور والحنين الدائم لكنه «خارج السمَع» وصمّ آذانه عن نداءاتهم.

هم مواطنون أوكران حتى العظْم يَشعرون بالانتماء الى بلاد احتضنتْهم وبعضهم حَمَل السلاح في جيشها دفاعاً عنها حتى الموت، ومواطنون لبنانيون يطالبون دولتَهم بعدم «هدم الجسور» معهم ونسْف أي إمكان لإبقاء الروابط قائمةً مع وطنٍ هاجروا منه ولكنه لم يهجرهم.

«الراي» استطلعتْ أحوالهم اليوم بعد سنة ونيّف على الحرب.

قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا كانت الجالية اللبنانية تضمّ نحو 3000 شخص يَتَوَزَّعون بين طلاب وعائلات. وكان عدد العائلات اللبنانية أو المختلطة يقارب 1000 عائلة يحمل أولادها الجنسيتين اللبنانية والأوكرانية.

ومع اشتعال المعارك تبدّلت الأوضاعُ، وما يقارب ثلثي اللبنانيين غادروا الأراضي الأوكرانية، وما تبقّى هم نحو 300 فقط تحمل غالبيتهم الجنسيةَ الأوكرانيةَ، وأرزاقُهم وأشغالُهم في هذا البلد الذي يشعرون بالانتماء إليه.

أحمد كرنبي مهندسُ اتصالاتٍ لبناني يعيش في أوكرانيا منذ 34 عاماً، متزوج من سيدة أوكرانية وحاصل على الجنسية له ولأولاده الأربعة. كان أول مَن أطلق خليةَ الأزمة عند نشوء الحرب لمساعدة اللبنانيين وربْطهم ببعضهم البعض وتسهيل أمر خروجهم.

ويروي لـ «الراي» تفاصيل حياة اللبنانيين اليوم في أوكرانيا وما حصل معهم في الأشهر الماضية:

«كل مَن غادر أوكرانيا من اللبنانيين، سواء مَن يحملون الجنسية أو الإقامة لم يَعُدْ إليها، لا بل أن الكثيرين وجدوا لجوءاً في أوروبا وكندا وباتوا ينالون مساعدات من هذه الدول تماماً كالأوكرانيين. لم يَعُد هؤلاء الى لبنان، إلا قسم من الطلاب فيما الباقون استفادوا من الوضع للحصول على إقامات أوروبية. أما الطلاب فقسم منهم رجع الى بيروت لكنه ما زال يتابع دروسه الجامعية اونلاين، وقد أعطتهم الجامعات الأوكرانية امتياز تقديم امتحاناتهم عن بُعد أو تقديم المواد التطبيقية عبر الجامعة اللبنانية بالتعاون مع وزارة التربية.
وقلة منهم عادوا الى أوكرانيا لمتابعة تحصيلهم الجامعي فيما قسم كبير انتقلوا الى جامعاتٍ في الاتحاد الأوروبي وحصلوا على إقامة هناك وعمل ومساعدة من الدول التي يتواجدون فيها لإكمال دراستهم».

وفيما غادر اوكرانيا عدد كبير من اللبنانيين، إلا أن مَن بقي فيها بات في وضعٍ دقيق إذ أن الدولة الأوكرانية منعت أي شاب ما بين عمر الثامنة عشرة والستين من مغادرة البلاد لأنه مسجَّل ضمن احتياط الجيش. وقد سرى الأمر على اللبنانيين المجنَّسين أيضاً وكان تشديد كبير من كييف على منْع المغادرة.

في بداية الحرب كان يحقّ لمَن يحمل إقامة أوكرانية الدخول إلى رومانيا ومن ثم الوصول الى الاتحاد الأوروبي، لا بل كان الأمر مسهَّلاً. لكن بعد فترة بات هذا الطريق مَنْفذاً لبعض اللبنانيين لمغادرة لبنان عبر أوكرانيا نحو الاتحاد الأوروبي.

حيث كما علمت «الراي» استغلّ البعض الحرب للحصول على إقامة في أوكرانيا إما من خلال الزواج من أوكرانية عبر الانترنت، وإما التسجل في جامعة أو حتى المجيء إلى أوكرانيا ليغادروا بعدها نحو أوروبا بسهولة. لكن هذه المحاولات انكشفت وشعرت دولة مولدوفيا بوجود محاولاتِ فرار عبر أراضيها فباتت تدقّق جداً وتمنع خروج حتى مَن يملكون وثائق شرعية.
كما بات الحصول على فيزا إلى رومانيا او فيزا شنغن أوروبية صعباً جداً ما جعل الخروج من أوكرانيا للبنانيين الباقين عسيراً ومتعذّراً.

اللبنانيون الذين صمدوا في أوكرانيا لم يكن صمودهم لأسباب مادية فقط، أو لاضطرارهم للبقاء بسبب أعمالهم، بل هم لم يغادروا عن اقتناعٍ وحبٍّ لهذا البلد. والدليل على ذلك وجود شبان لبنانيين يحاربون الى جانب الجيش الأوكراني بعدما التحقوا بصفوفه.

وحول هذه المسألة التي تبدو غريبة بالنسبة للكثيرين يقول الناشط الاجتماعي ومنسّق تيار المستقبل في أوكرانيا أحمد كرنبي: «ثمة أوكرانيون من أصل لبناني، بعضهم وُلد وعاش هنا ولديه انتماء وحبّ لأوكرانيا.

مع بداية الحرب كان هناك شعور وطني جارف، وكل الشبان ذهبوا للتطوع في الجيش الذي يحتاج الى أشخاص أكثر من غيرهم، مثل مهندسي الميكانيك والاتصالات، وخبراء المعلوماتية والشبكات الالكترونية.