بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 تشرين الأول 2020 07:16ص «البطاقة التموينية» في مقولة عمر فاخوري: «آراء غربية في مسائل شرقية»؟!

حجم الخط
أكبر اعتراف من قبل أي حكومة في أي بلد بوجود كارثة اقتصادية قرارها اللجوء الى «البطاقة التموينية» Ration Cards أو Food Vouchers أو «بطاقات السكر» Sugar Buying Coupons التي اعتمدت في فترات الحروب كما في في بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية في العام ١٩٤٠ وبعدها بقليل في الولايات المتحدة، أو خلال فترات المجاعة في روسيا وبعدها في الاتحاد السوفياتي أو في كوبا خلال الأزمة الاقتصادية بعد الثورة في قرار آذار ١٩٦٢ الذي أشرف على تنفيذه راوول كاسترو شقيق قائد الثورة فيديل كاسترو، أو في العديد من المقاطعات الهندية البالغة الفقر والعوز، أو في بعض البلاد العربية بما فيها لبنان خلال ما يسمّى بنظام «الإعاشة» خلال الحرب العالمية الأولى والثانية ولفترة موجزة بعدها وصولا الى اليوم حيث تتعثر في سوريا والعراق، ومجددا الى لبنان في المشاريع التي تدرس الآن لاعتمادها في كلفة المواصلات والسلع المعيشية لتخفيف حدّة الفقر وما تحت الفقر لـ ٣٢٥ ألف أسرة لبنانية تضم مليون و٣٠٠ ألف لبناني ولبنانية حسب تقديرات وزارة الاقتصاد، يقابلها تقديرات الأمم المتحدة بوجود ٥٥% في لبنان تحت خط الفقر، والفارق بين تقديرات الطرفين ان الأولى تضم اللبنانيين فقط والثانية تضم كل المقيمين من لبنانيين ولاجئين ونازحين. وهؤلاء لا تشملهم مشاريع البطاقات المقترحة على أساس ما يصلهم من مساعدات ومعونات دولية... وإلا سيكون الحال شبيها ما حذّر منه يوما البطريرك صفير أغنياء لبنان ودولة لبنان التي لا يهمّها ولا يهمّهم فقراء لبنان، قائلا: «لن تستطيعوا أن تعيشوا وسط بحر من الجياع»!

لتبقى الأسئلة..

أولاً: هل تنجح فكرة البطاقة التموينية أم تتعثر كما تعثرت صيغة الدعم التي سلك جزء منها الطريق الى غير المستحقين وجزء منها طريق التهريب والتخزين، وانتهت عند حدود جفاف الامكانيات والاحتياطيات؟

ثانياً: هل لدى الدولة اللبنانية الكفاءات المطلوبة لفرز الميسورين عن المحتاجين بالكفاءة نفسها التي لدى الدول الأجنبية في إحصاء أوضاع كل فئات وطبقات الشعب، وهي التي لم تتمكن على مدى عشرات السنين حتى من احصاء عدد مواطنيها وسكانها؟

ثالثاً: كيف يمكن مثلا لدعم المواصلات، منع البطاقة التموينية عن أصحاب السيارات الحديثة، في حين ان عشرات وربما مئات آلاف من اللبنانيين حصلوا على سيارات حديثة بقروض تعثروا خلال الأزمة في دفعها وانهارت مداخيلهم وقوتهم الشرائية تحت مطرقة التضخم النقدي والغلاء المعيشي والوباء الصحي والبلاء السياسي، وتحوّلوا من الطبقة الوسطى وشبه الوسطى الى طبقة المديونين المحتاجين والفقراء والمعوزين؟

رابعاً: على صعيد الدعم الصناعي والزراعي، كيف يمكن تقرير استحقاقية البطاقة على أساس متوسط الاستخدام التاريخي للمصنع وحسب مساحة الأرض المزروعة، في حين أن كل هذه المعايير وسواها قد اجتاحتها العاصفة الاقتصادية والوبائية، في وضع اختلط فيه الحابل القديم بالنابل الجديد؟

خامساً: وأخيراً - وليس آخراً - هل يمكن لدولة الزبائنيات السياسية والمحسوبيات الطائفية والمذهبية في بلد قال عنه جبران خليل جبران - «قلّ فيه الدين وكثرت فيه الطوائف» أن تحقق بعدالة ومساواة فكرة البطاقات التموينية؟ أم انها كما سواها من الأفكار المستحدثة، تضاف الى ما يسميه أديب بيروت الناقد عمر فاخوري: «آراء غربية في مسائل شرقية»؟!