بعيدا عن الملف الرئاسي والأوضاع الأمنية الخطيرة الذي يشهدها الجنوب، عاد ملف التنقيب الى الواجهة مجددا، بعد أن وافق مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة على تلزيم البلوكين الثامن والعاشر الى «الكونسورتيوم» والذي يضم «توتال انرجي»، «اني الايطالية» و«قطر للطاقة»، علما ان شركة «توتال» الفرنسية كانت أعلنت في منتصف شهر تشرين الأول الماضي الانتهاء من عملية حفر البئر في البلوك 9 بعد وصولها الى عمق 3900 متر تحت قعر البحر وانها لم تجد سوى الماء.
مصادر رفيعة معنية بملف التنقيب والطاقة كشفت عبر «اللواء» ان دورة التراخيص الماضية تم إقفالها في 2 تشرين الأول 2023، وتقدمت الشركات الثلاث التي يضمها «الكونسورتيوم» دون غيرهم وقد تم طلب السماح لهم بعمليات التنقيب في البلوكين 8 و10، وأشارت الى انه بعد القيام بّتقييم فني وتجاري للعروض المقدمة، ارتأت هيئة إدارة قطاع البترول الموافقة على ذلك، وعلى هذا الأساس قدّمت تقريرها الى وزير الطاقة الذي وافق بدوره على الموضوع، وأرسله الى مجلس الوزراء الذي أخذ قراره بالموافقة على التلزيم.
وعادت المصادر لتوضح ان نسبة حصص الشركات الثلاثة «توتال» هي 35%، «وكذلك شركة: اني الايطالية»، أما شركة «قطر للطاقة» فتبلغ حصتها 30%، وشرحت المصادر آلية ما تم إقراره، كاشفة انه في البلوك رقم 10 والذي تبلغ مساحته 1383 كيلومترا مربعا تم تقصير المهل عن ما كان متخذا في البلوك رقم 9، بحيث أصبح لدى الشركات مهلة سنة لبدء الحفر، وإذا لم تقرر خلال السنة ما يمكن القيام به، يضاف الى المهلة المحددة 6 أشهر من خلال قرار مباشر من الوزير استنادا الى رأي هيئة القطاع، مما يعني ان المهلة الإجمالية ستكون سنة ونصف السنة كحد أقصى، أما بالنسبة الى البلوك رقم 8 والذي تبلغ مساحته 1400 كلم مربع فان المصادر ترى ان المشكلة التي تواجه العمل به هي عدم وجود مسوحات «ثلاثية الأبعاد»، لذلك فان الخطوة الأولية التي يجب القيام بها قبل بدء عملية الحفر هي إجراء «المسوحات السايزمية» والتي كان من المستحيل تنفيذها منذ سنوات، وذلك بسبب عدم إمكانية البواخر المختصة بالقيام بهذا الإجراء الاقتراب نتيجة من المنطقة لعدم تغطيتها من قبل شركات التامين، أما عن المهلة المعطاة بالنسبة الى البلوك رقم 8 تقول المصادر: «لدى الشركات الثلاث مدة ثلاثة أشهر كي تستطيع أن تقرر إذا كانت تريد إجراء المسح، ومن بعدها سيكون لديها مهلة سنة لإجراء المسح، أي ما مجموعه سنة وثلاثة أشهر وليس سنة ونصف السنة كما هو الوضع في البلوك رقم 10».
وتعتبر المصادر الى انه ورغم أهمية القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء بالنسبة لموضوع تلزيم البلوكين 8 و10، فإن الدولة اللبنانية لا زالت بانتظار التقرير الذي سيصدر عن شركة «توتال انرجي» والمتعلق بنتائج ما تم التوصل إليه في البلوك رقم 9، كاشفة ان موعد صدور التقرير سيكون في أواخر شهر شباط المقبل أو في أوائل شهر آذار كحد أقصى، مشيرة الى انه على أساس هذا التقرير يمكن أن تتوضح الأمور حول مصير البلوك رقم 9، وإذا ما سيتم الحفر في البلوك 10، لانه في حال قررت الشركات البدء بعمليات الحفر عليهم تقديم كل الكفالات المطلوبة.
وأكدت المصادر الى ان هيئة قطاع البترول قامت بأفضل ما يمكن القيام به للوصول الى النتائج التي أفضت إليها المفاوضات مع الشركات، حيث تم تقصير مهل الاستكشاف من الناحية التقنية، إضافة الى الطلب من «الكونسورتيوم» اما القيام بالحفر أو رد البلوكات، وبالنسبة الى العرض التجاري فإنه تم تحسينه على صعيد حصة الدولة من الأنشطة البترولية كما كشفت المصادر، التي لفتت الى انه لدى الشركات مهلة حتى 12 شهر شباط المقبل من أجل التوقيع، علما ان كل البلوكات من الجهة الجنوبية أي 8 و9 و10 باتوا تم تلزيمهم.
وأعلنت المصادر الى انه بالتوازي مع القرار الذي صدر عن مجلس الوزراء، فان هناك دورة تراخيص ثالثة بدأت في 27 كانون الأول الماضي وستمتد حتى 3 تموز المقبل، مشيرة إلى ان أهميتها تكمن في انطلاقها رغم ما يحصل من أوضاع أمنية وعسكرية جنوبا وفي ظل الحرب على غزة.
المصادر كشفت عن تلزيم إسرائيل للمنطقة المحاذية للبلوك رقم 8، معتبرة ان الحرب حتى الآن لن تؤثر على أنشطة التنقيب سوى بشكل جزئي على الصعيد اللوجستي لكنها بشكل عام لا زالت متواصلة في كل من قبرص ومصر ولدى إسرائيل.
وأعلنت المصادر على ان هيئة قطاع البترول تحاول التسويق لدورة الترخيص الجديدة الذي تحمل عنوان «تسريع وتيرة الاستكشاف وجذب أكبر عدد من الشركات» للبلوكات المتبقية أي من 1 الى 7 التي تم طرحها، وتعترف المصادر الى ان وضع لبنان كان سيكون أفضل لو سُجل اكتشاف في البلوك رقم 9، بحيث كانت الشركات قد تشجعت للإقبال على التسجيل في دورة التراخيص، ولكنها في المقابل توقّعت أن تتقدم شركات عدة للعمل بالبلوكات المطروحة والبالغ عددها 7.