اقتصاد

ومن بين هذه الدول عشرة على الأقل كان الدخل الفردي السنوي فيها عشرات آلاف الدولارات وانخفض بشكل متدرج ومروّع كما هو على سبيل المثال حال دولة «أوقيانوسيا» وسط المحيط الهندي التي كان الدخل الفردي السنوي فيها ٥٠ ألف دولار وبات لا يتعدى الـ٢٠٠٠ دولار!! وغرقت في مديونية عامة عالية وفرغت صناديقها من الإحتياطيات وباتت تعيش على المساعدات الخارجية، أو دولة كينيا التي انخفض دخل الفرد السنوي فيها من آلاف الدولارات سنويا إلى ٣٩٠ دولارا!!! ومثلها بلدان غنية بالماس والذهب والفضة والمعادن المنجمية الثمينة والمنتجات الطبيعية ومزّقتها الحروب الأهلية والقبلية مثل نيجيريا والكونغو وبوروندي والصومال وجنوب السودان وأفغانستان وانخفض دخل الفرد فيها إلى حد أقصى ٦٠٠ و٥٠٠ دولار سنويا كما هو حال ليبيريا وجنوب السودان أو حد أدنى بين ٣٠٠ و٤٠٠ دولار كما حال أفغانستان.

وهناك مثل آخر هو «سري لانكا» التي قبل أن يهبط فيها الدخل السنوي للفرد إلى أقل من ٣٥٠٠ دولار (هو تقريبا معدل لبنان بعد أن انخفض الناتج السنوي من ٥٥ مليار دولار إلى ١٨ مليار دولار خلال سنتين فقط!!) فقد كانت يوم سمّاها العرب «جزر سرنديب» بلادا عامرة بالفضة ومضرب المثل في الاستقرار ورغد العيش، قبل أن تعصف بها الحروب وتسلّمها إلى غدرات الزمان. حتى ان الإمام الشافعي قال فيها في عزّ ازدهارها:

إمطري لؤلؤا جبال سرنديب وفيضي آبار تكرور تبرا (ذهب)

أنا ان عشت (فيها) لست أعدم قوتا وإذا مت لست أعدم قبرا

وقال فيها أبو العلاء المعري:

أذكت «سرنديب» أولاها وعوذتها بنات القين تشميتا

حتى أتت وكأن الله قال لها خوطي الممالك تمكينا وتثبيتا

وكل هذا قبل أن ينهار اقتصاد «سرنديب» (أو «سري لانكا» اليوم) من ثروات اللؤلؤ والذهب والفضة إلى درجة الفقر بسبب الصراعات السياسية والحروب الداخلية!

ولبنان مثل تلك الدول شهد وما يزال العوامل نفسها من صراعات سياسية وحروب داخلية ١٩٥٨ و١٩٧٥ مرورا بـ١٨٤٠ و١٨٦٠ التي كتب خلالها كارل ماركس عن لبنان واللبنانيين في صحيفة «New York Tribune» عبارته الشهيرة: «ان الدولة العثمانية تبدو مرتاحة في الشرق لولا حروب القبائل المتوحشة The Wild Tribes على سفوح جبال لبنان»!!