بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 آب 2020 08:10ص دور اقتصادي - إستراتيجي فرنسي في «شرق المتوسط»

زيارة الرئيس ماكرون إلى لبنان

حجم الخط
قبل أيام من مناسبة مرور ١٠٠ عام على إعلان «دولة لبنان الكبير» الذي لعبت فرنسا الدور الرئيسي في قيامه أثر انهيار الأمبراطورية العثمانية، يعلن رئيس فرنسي ووزير خارجيته عن انهيار مقوّمات هذه الدولة إذا لم تسارع الى اصلاحات فورية اقتصادية وسياسية وإدارية وتضع حدا لمسلسل الفساد المستشري الذي ينخر في كيانها بما قد يؤدي الى «اختفائها» Disparaitre على حد التعبير الحرفي للوزير االفرنسي.

والاهتمام الفرنسي المتزايد في زيارتين لرئيس فرنسا خلال فترة وجيزة ليس سببه فقط المحنة الصعبة التي يمرّ بها لبنان وضرورة تشكيل منظومة غربية - عربية دولية لانقاذ اقتصاده على غرار مؤتمرات باريس ١ و٢ و٣ ومؤتمر سيدر ومؤتمر دول مساعدة لبنان إضافة الى الدور الفرنسي المؤثر في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ولا سببه فقط نظرة فرنسا التاريخية الى لبنان بأنه «قلب الشرق»، و«سوسنة الغاب» على حد تعبير أحد الملوك الفرنسيين، وإنما خصوصا العودة الفرنسية الى تطلع صوب «شرق المتوسط» على خط تاريخي منذ عهد الملك لويس الثالث عشر الى الحملة النابوليونية التي دشنت مرحلة النهضة العربية بقيادة محمد علي (باشا) وملحقاتها الأوروبية في حملة إبراهيم (باشا) الى لبنان وسوريا، وصولا الى التأثيرات الثقافية التي أدّت من خلال انتداب فرنسا على سوريا ولبنان والمنطقة، الى وجود ٣٣ مليون «فرنكوفوني» اليوم في العالم العربي، وعشرات آلاف الطلاب ومئات المدارس التي تعتمد النموذج «الفرنكوفوني» في التعليم، إضافة الى ملايين الطلبة العرب في فرنسا بينهم ربع مليون طالب من لبنان، على وقع امتداد اقتصادي خلال القرن التاسع عشر، ما جعل من فرنسا الوجهة الرئيسية لتجار بيروت وحلب والقاهرة والاسكندرية على حساب الدول الأخرى في «شرق المتوسط»، حيث تجابه مصالح فرنسا الآن مصالح دول أخرى من إيران وتركيا الى روسيا وأميركا الى الصين، وذلك من خلال تفعيل دور فرنسي في لبنان والمنطقة قال عنه سفير فرنسا في لبنان برونو فوشيه في محاضرة له في جامعة القديس يوسف: ان الشرق الأوسط «يجب أن لا يكون غريبا عن فرنسا» وان «دليل مصلحة فرنسا في المنطقة ان ٩٥% من حفظة السلام في الشرق الأوسط فرنسيون»، وأن لبنان بالنسبة لفرنسا هو «المدخل الى هذا الشرق».