بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 آب 2021 12:01ص رفع الدعم... نقاط ضوء خافت في القرار الخاطئ

حجم الخط
نقاط ضوء في قرار حاكم مصرف لبنان رفع الدعم عن المحروقات ندرجها قبل البدء بتسجيل تحفظات عليها، منها ما ورد في الموقف المؤيد للقرار من قبل رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط جاء عكس ردود الفعل الشعبية، وموجزه ان بقاء الدعم على ما هو عليه يعني استمرار التهريب واستنزاف آخر دولار في الاحتياطي لدى مصرف لبنان.

وأما نقاط الضوء فقد جاءت على قاعدة «ربّ ضارة نافعة» وهي أن قرار الحاكم بأن يكون استيراد المحروقات وفق سعر صرف السوق الموازية أو ما يساوي أو يزيد عن ٢٠ ألف ليرة للدولار ما يعني أن شركات الاستيراد ستضطر الى امتصاص كميات هائلة من الليرات من السوق كي تحصل مقابلها من مصرف لبنان على الدولارات المطلوبة للاستيراد، الأمر الذي سيؤدي الى الإقلال من النقد المتداول بالليرة ويساهم في خفض سعر صرف الدولار، ويدفع بأصحاب الدولارات المخزنة في البيوت الى إنزال كميات منها خوفا من المزيد من انخفاض الدولار ما يزيد في عرض الدولار مقابل طلب أكبر على الليرة تزيده إيجابية احتمال تأليف حكومة جديدة.

ومن نقاط الضوء أيضا التي ندرجها قبل الملاحظة عليها ان ارتفاع سعر المحروقات يخفف من استهلاكها في بلد يستفيد أغنياؤه وطبقته المتوسطة من السعر المنخفض لصفيحة البنزين الذي كان يصل قبل رفع الدعم الى ما بين ١١ و١٢ دولارا مقابل ١٨ دولارا في تركيا وسوريا و13,44 دولارا في الامارات و٣٠ دولارا في الأردن!

والملاحظات الأولية على هذه النقاط انها محض نقدية تهتم بجانب واحد هو خفض سعر الدولار. لكن الجانب الاقتصادي - الاجتماعي والعملي مهمل لأسباب عدة أهمها:

أولا: في الحالة اللبنانية انخفاض سعر الدولار لا يتحقق فقط بامتصاص كميات من النقد المتداول بالليرة رغم التأثير الجزئي لهذا العامل. فهناك عوامل أخرى مهمة منها ان الثقة بالنظام السياسي اللبناني التي بلغت خلال العامين الماضيين درجة الصفر، بما يساهم في الحد من الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية، وهو العامل الذي يشكّل عادة أحد المصادر الرئيسية في ضخ الدولار وتنشيط الاقتصاد والتصدير والانتعاش وتقوية العملة الوطنية. ولهذا السبب اشترط الصندوق الدولي كأولوية عنصر الإصلاح للنظام السياسي والمالي والإداري والقضائي، وليس فقط الإصلاح النقدي في توحيد سعر الصرف وإعادة هيكلة المصارف. وبالتالي فإن الإقلال من كميات الليرات اللبنانية التي في التداول لا يخفض سعر الدولار إلا بشكل محدود. وعندها سيبقى الدولار عاليا وستشتريه شركات الاستيراد بالسعر المرتفع وسيبقى الضحية المواطن والاقتصاد.

يضاف أن خروج كميات كبرى من الدولارات المخبأة في البيوت الى سوق الصرف قد لا يحصل بالحجم المتوقع، لأن هذا الأمر مرتبط أيضا بعوامل أخرى غير نقدية منها عامل الاستقرار وحوافز الاستثمار، إضافة الى عامل الثقة لجهة عدم التفريط بالدولارات في هكذا نظام فاسد وهش ومتقلب وفي حالة عجز دائم في الموازنة وفي ميزاني التجارة والمدفوعات، وعدم توافر ما يكفي لتلبية الحاجة الدائمة من الدولارات، فضلا عن وجود لبنان في منطقة غير مستقرة في صراع دائم إقليمي ودولي يترك أثره المتواصل على الوضع المحلي السياسي والاقتصادي والأمني بما يستدعي التمسّك بنظرية «عصفور في اليد» و«المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين» استنادا الى الكوارث والأضرار التي لحقت بالمودعين والمستثمرين في اقتصاد انكمش بين ٤٠ و٥٠%. وبالتالي لن يلعب العامل النقدي دورا أساسيا في الحل بما في ذلك جرعة الأوكسجين المتمثلة بالبطاقة التمويلية والتي ما زالت على أي حال في حالة غموض سواء من حيث نوع العملة التي ستصرف بها بالليرة أم بالدولار، أم لجهة ان امكانات ومصادر التمويل بما في ذلك المصدر الخارجي لا تكفي إلا بصورة جزئية يتوقع أو يرشح استمرارها لدورة اقتصادية كاملة بين ٧ الى ١٠ سنوات.