بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 أيار 2021 08:21ص فرنسا و«قبائل لبنان» من زمان بني عثمان

حجم الخط
مع تعثّر مبادرة الرئيس ماكرون، تكاد تشبه حال فرنسا مع السياسيين اللبنانيين، الحال مع الاقطاعيين اللبنانيين في جبل لبنان خلال منتصف القرن التاسع عشر الذين وصفهم كارل ماركس في مقال له في «New York Tribune» بـ «قبائل» ذات طبيعة «وحشية» Wild Tribes كما قال، عجزت الأمبراطورية العثمانية عن ترويضها، تسببت بحربين أهليتين ودخول دول كبرى على خط دولة «الخلافة» العثمانية: فرنسا الى جانب الموارنة. وانكلترا مع الدروز. وروسيا مع الأرثوذكس، والنمسا مع الكاثوليك، وانقسام جبل لبنان الى مقاطعتين طائفيتين ثم الى «متصرفية جبل لبنان» التي عانى فيها اللبنانيون أزمات اقتصادية بمثل مما يعانون اليوم من أزمات ونكبات، منها موجة الهجرة الى مختلف أصقاع الأرض، إضافة الى:

١- انخفاض سعر صرف الليرة العثمانية بما دمّر القوة الشرائية للبنانيين.

٢- توقف الدولة العثمانية عن دفع ديونها للغرب.

٣- وضع «إدارة للدين العام» تحت إشراف أجنبي.

٤- وضع اليد على العديد من مداخيل الدولة العثمانية لتأمين ضمان دفع قيمة الدين المتوجب عليها للدول الغربية وسداد الدين، ودون تقديم أي قروض جديدة أو اعانات للدولة التي اضطرت الى مواجهة الأزمة بضرائب جديدة أكبر من قدرة اللبنانيين على التحمّل.

٥- ضيق مساحة الأرض الزراعية والفقر والمرض والبطالة وانتشار الجراد والأوبئة من تيفوئيد وطاعون.

الى ما هنالك من وجوه الشبه بين الأمس واليوم، مع اختلاف الأسماء والعناوين وطبيعة الأحداث.

فالدول المعنية بلبنان وسوريا عموما في ما يسمّى بـ «المسألة الشرقية» كانت زمان المتصرفية، إضافة الى دولة «الخلافة» العثمانية: فرنسا وانكلترا وروسيا والنمسا، مقابل الأنو هي على الصعيد الدولي والاقليمي أميركا وروسيا وفرنسا وإيران وتركيا، وعلى الصعيد الأمني التهديدات الاسرائيلية وباقي المخاطر الارهابية العالمية. وعلى الصعيد الاقتصادي تشابه الى حد كبير لجهة العجوزات المالية والمصرفية وانهيار معدل صرف العملة المحلية والاحتكارات التجارية وشلل الانتاج الزراعي والصناعي والخدماتي والحصار الوبائي الذي لا يقل خطرا اليوم عن الحصار البحري الذي تسبب يومها بـ «المجاعة الكبرى» التي كتب عنها جبران من مغتربه البعيد أحد أكثر مقطوعاته تأثيرا وتعبيرا وصف فيها حزنه لأن شعبه يعاني ودون قدرة على رد أذى الجوع بعنوان «مات أهلي»: «مات أهلي مسالمين. ماتوا وأكفّهم ممدودة نحو الشرق والغرب. ماتوا ونكبتهم خرساء وآذان البشرية أغلقت دون صراخهم والثعبان الجهنمي التهم ما في حقولهم من ثروات وما في اهراءاتهم من قوت، فيا ليت جسدي يتحوّل الى سنبلة من القمح نابتة في تربة بلادي يلتقطها طفل جائع يزيل بحياتي يد الموت عن حياته».