بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 آذار 2021 07:07ص مواجهة «جائحة» إسرائيل الاقتصادية بطبقة سياسية لبنانية مهترئة!

حجم الخط
 المحاصصات السياسية مستمرة كالعادة في عقبات متزايدة أمام تأليف الحكومة العتيدة. لكن خطورتها هذه المرة ليس فقط مواجهة المشكلات في الداخل، وإنما التحديات الاقتصادية الإسرائيلية المستجدّة من الخارج، والتي يحتاج لبنان تجاهها ليس لمجرد حكومة - مهمة لستة أشهر، وإنما لحكومة طوارئ وطنية اقتصادية توحّد كل طاقات الشعب اللبناني بمختلف أطيافه وطوائفه، لمواجهة قوة إسرائيلية مالية - اقتصادية وصفها ميشال شيحا بعد قيام دولة إسرائيل - وقبل أن تنتقل كما الآن من «حولنا» الى «حوالينا» - بأنها «من صناعة قوة مالية أولى في العالم وذات أبعاد توسعية اقتصادية ذات عبء ثقيل على لبنان» الذي كما في وصف شيحا «بلد صغير قضي عليه أن يعيش في خطر! على مفترق طريق ورأس جسر في أسواق تجارة وخدمات وملتقى حضارات على ساحة عامة يمكن أن تكون مساحة من «أرض ميعاد» تتوسّع بنفوذ اقتصادي في الداخل وهجرات متواصلة من الخارج».

وكانت تلك الكلمات لميشال شيحا يوم كانت إسرائيل في طور الولادة، ولم تهتم الطبقة السياسية اللبنانية منذ ذلك الحين في بناء اقتصاد وطني قادر على المنافسة حتى لا نقول المواجهة في درء هذا الخطر، بل كان كل همّها الدائم - وما يزال - كما يقول الرئيس شهاب، «تقاسم قطعة الجبنة» في محاصصات شخصية وقطاعية واقطاعية وطائفية تزداد الآن حدّة وخطورة، وازدادت معها إسرائيل قوة في اقتصاد لا يتماثل مع لبنان إلا بما يقترب في عدد السكان، ودون باقي المؤشرات الاقتصادية حيث الناتج الاقتصادي اللبناني السنوي الذي انهار مع الأحداث الأخيرة الى 18 مليار دولار يقابله في إسرائيل ناتج سنوي بأكثر من 470 مليار دولار. ومعدل الدخل الفردي السنوي الذي انخفض في لبنان الى أقل من ٤٠٠٠ دولار يقابله في إسرائيل أكثر من ٤٧٠٠٠ دولار. والصادرات في لبنان التي هبطت الى أقل من ٣ مليارات دولار يقابلها في إسرائيل أكثر من ٦٠ مليار دولار. والاحتياطي النقدي في لبنان (الالزامي للودائع الأجنبية وليس للبنك المركزي) الذي تقلص في لبنان الى أقل من ١٧ مليار دولار يقابله في إسرائيل ١٢٦ مليار دولار. والودائع التي انخفضت في لبنان الى أقل من 150 مليار دولار (أكثرها على الورق!) يقابلها في إسرائيل 445 مليار دولار، ونسبة الدين العام للناتج في لبنان تفوق الـ500% لا تزيد في إسرائيل عن ٧٠%. والتضخم في لبنان الذي تخطى الـ١٥٠% لا يزيد في إسرائيل عن ١%، ومعدل النمو الذي تراجع في لبنان الى ناقص سلبي ٢٥% ارتفع في إسرائيل الى زائد إيجابي 3,4%، والبطالة التي ارتفعت في لبنان الى أكثر من ٣٥% انخفضت في إسرائيل الى 3,5%...

ومع ذلك..

رغم سؤال ميشال شيحا قبل حوالي ٦٦ عاما: «هل يمكن لدولة إسرائيل وقد استحالت على حدودنا مرفأ يجتذب العالم، أن تترك لبنان يعيش ويزدهر؟ وهي المشروع المتكامل من السيطرة الاقتصادية والمالية والصناعية والتجارية الذي لا يمكن أن ينتهي إلا بارتهان ثقيل فوق كاهل لبنان» فإن نزوة النهب وشراهة السلب وشهوة الحكم في لبنان مزيج من غرائز مستأصلة، لا تأبه لأي مخاطر داخلية أو خارجية مصيرية أو اقتصادية واجتماعية تتهدد معيشة وحياة ملايين اللبنانيين مقيمين ومغتربين...