بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 أيار 2024 12:00ص هل إرتفاع أسعار سندات اليوروبندز مؤشرٌ على بدء التفاوض مع الدائنين؟

حمود لـ«اللواء»: أول مدخل لمعالجة الأزمة هو إعادة جدولة السندات.. غبريل :ليس هناك نية للسلطة بمفاوضة حاملي السندات

حجم الخط
عبدالرحمن قنديل

«اليوروبندز» مصطلح سمع اللبنانيون فيه منذ أن قامت الحكومة السابقة برئاسة حسان الدياب في آذار عام 2020، بالتخلف عن تسديد مستحقاتها، أما ما يُعرف بسندات الدين الدولية، باعتبار أن لبنان في ذلك الحين غير قادر على سداد الديون المستحقة في الظروف الحالية وإنه سيعمل على إعادة هيكلة ديونه من خلال التفاوض مع حاملي السندات  في أول تخلّف للبنان عن سداد ديون في تاريخه.
على الرغم من أن الحكومة وقتها أبدت إستعدادها بالتفاوض مع الدائنين أو حاملي هذه السندات، ولكن منذ آذار عام 2020 حتى يومنا هذا لم يتم البدء حتى بالتفاوض معهم،والدولة تتعاطى مع هذا الأمر بإهمال كامل ولا زال هذا الملف عالقاً حتى أيامنا هذه «لا معلَّق ولا مطلَّق» بانتظار الدولة أن يكون لها وقت كافٍ لبدء التفاوض مع حاملي هذه السندات،ولكن ما استجد هذه الأيام فتح الأبواب حول إمكانية أن يعود هذا الملف إلى الواجهة  من جديد مع إعلان بنك عودة في تقريره الأسبوعي الصادر منذ أيام عن أن  أسعار سندات اليوروبندز ترتفع إلى أعلى مستوى لها منذ ثمانية أشهر ووصلت قيمتها إلى 6.750 سنتاً للدولار الواحد وهو أعلى مستوى لها منذ اندلاع الصراع في قطاع غزة في تشرين الأول 2023 بالتزامن مع مطالبة الدائنين باحتياطات الذهب والعملات الأجنبيّة، المودعة من قبل مصرف لبنان في الولايات المتحدة الأميركيّة والكلام عن المواجهة بينهم وبين الدولة في المحاكم الخارجية فهل هذه العوامل المستجدة ستفتح المجال لحكومة تصريف الأعمال أن تعيد هذا الملف إلى الواجهة من جديد وتبدأ التفاوض مع حاملي هذه السندات أم سيبقى الإهمال سيد الموقف؟

أكد رئيس لجنة الرقابة على المصارف السابق سمير حمود في حديث لـ«اللواء» إلى أنه لا شيء يمنع أياً من حاملي سندات اليوروبندز المستحقة والتي لم تسدد بأن يقوم بالإجراءات القانونية والملاحقات القضائية،لأن المدين في طبيعة الحال هي الدولة والدولة بكل موجوداتها هي مرتهنٌ عام للدائن وهو ما يتم التوقف عنده.
ولفت حمود إلى أنه وفقاً للإتفاقات الدولية ليس هناك أي إستطاعة بوضع اليد على السفارات حتى لو كانت ملكاً للدولة،لا على موجودات لمؤسسات مستقلة حتى لو كانت هذه المؤسسات ملكاً للدولة كـ«موجودات مصرف لبنان» أو «الميديل إيست» على سبيل المثال وهنا يقع الدائن في حيرة بما يجب فعله في الإجراءات القضائية والقانونية.
واعتبر أن ليس هناك أي دولة تفلِّس وتبقى تتفرج وهي «دائرة ظهرها» للدائنين في نهاية المطاف إلى أبد الآبدين،ولو أدارت ظهرها لفترة معينة ولكن هي مجبرة أن تعود وتلتفت، فهي ليست قادرة أن تتأقلم وتعيش مع الأسواق والمجتمع الدولي وهي لا تحترم توقيعها وتعهداتها فحكماً وكحلٍّ أنسب سيصبح هناك تفاوض مع الدائنين.
وشدد على أن هذا التفاوض كان يجب أن يحصل منذ البداية،على الرغم من أنه في الوقت الحالي لا يوجد رئيس لهذه الجمهورية والمجلس النيابي منقسم نوعاً ما فضلاً عن أن الحكومة الموجودة هي حكومة غير صحية، لذلك الإتفاقية يجب أن يكون لها إبرام، وللأسف لا أحد في هذه الدولة يتكلم بعقلانية.
ورأى حمود أنه يجب فتح باب التفاوض لإعادة هيكلة وبرمجة هذه المديوانية بأسرع وقت ممكن،لأنه حكماً لا يمكن إرتفاع ترتيب وتقييم الدولة،وإرتفاع تقييم أي مؤسسة قبل أن يكون تقييم الدولة مرتفعاً،وأول مدخل لمعالجة هيكلة المصارف والوضع النقدي والمصرفي في البلد هو إعادة جدولة السندات، وهو واجب أخلاقي من باب أدبيات المدين تجاه الدائنين، وإحترام للدولة وتاريخها. 
ومن جهته أوضح رئيس وحدة الدراسات في بنك بيبلوس نسيب غبريل أن موضوع إرتفاع  سعر سندات اليوروبندز هو ضجيج لا يقدم ولا يؤخر لأن سندات اليوروبندز سعرها عند إصدار السندات هو 100$ عند إصدار السند،أما اليوم فالكلام هو عن سند كان سعره العملي في السوق بين  6 سنت و7 سنت أو تخطى الـ7 سنت قليلاً، وهذا ما يدل على أن هذا الموضوع هو زوبعة في فنجان ليس لها لزوم.
وأكد غبريل أن الخطأ المميت الذي حدث حينما إتخذت الحكومة السابقة قراراً بالتعثر عن تسديد إلتزاماتها الخارجية أي التعثر عن تسديد سندات اليوروبندز خصوصاً في الطريقة الفوضوية التي حدثت حينها،ومصرف لبنان في ذلك الحين كان يمتلك 30 مليار دولار إحتياطي بالعمولات الأجنبية في أواخر شباط من العام 2020 و20 مليار دولار إحتياطي ذهب.
وأردف قائلاً:«كلنا يعلم أن هذا القرار هو قرار سياسي بالرغم من أن السيولة آنذاك كانت موجودة  وذهبت لدعم السلع المستوردة، وبحسب حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري كلف هذا الدعم مصرف لبنان 800 مليون دولار شهرياً، أي أن السيولة كانت موجودة لإعادة جدولة الدين العام بدل التعثر، وأن يأخذ لبنان وقته للإتفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامج إصلاحي ولكن للقرار السياسي كان رأي آخر،وانهدر من ودائع الناس 14 مليار دولار من إحتياطي مصرف لبنان على الدعم.»
وأشار إلى أن بدل أن تبدأ الدولة المفاوضات مع حاملي سندات اليوروبندز تم إهمالهم بشكل كامل من قبلها منذ آذار 2020،أي منذ أن أعلنت الحكومة السابقة عن نيتها بالمفاوضات مع حاملي سندات اليوروبندز ولكن لغاية هذه الأيام لم تبدأ المفاوضات من الأساس،بالرغم من أن أسعار سندات اليوروبندز في لبنان هي «الأكثر إنخفاضاً  بين الدول المتعثرة مثل» سيريلانكا وغانا «على سبيل المثال عن تسديد إستحقاقاتها بالعمولات الأجنبية وسعر سندات هذه الدول هي 50% وليس 6% من قيمة الإصدار أي قيمتهم في غانا وسيريلانكا 50 و60$ من بعد تعثر السندات أما في لبنان قيمتهم 6 و7سنت على الدولار فقط لا غير.
ورأى أن الكلام عن ارتفاع الأسعار ليس النقطة الأساسية بل النقطة الأساسية تبقى تتمحور حول لماذا لم تبدأ السلطة في لبنان بالتفاوض مع حاملي سندات اليوروبندز، والأفكار المطروحة مهما كانت النويا خلفها حول شراء الدولة لهذه السندات باعتبار قيمتهم منخفضة، فهذا ليس الحل المناسب لحل الأزمة على الإطلاق،وأنه في عام 2025 يستطيع حاملي سندات اليوروبندز أن يقوموا برفع دعوى على الدولة اللبنانية ويضعوا أيديهم على بعض أصول الدولة، ومطالبة البعض بأصول الدولة فهذا تهويل لأن اليوروبندز هي صادرة عن قانون ولاية نيويورك وتخضع لقوانين نيويورك في نهاية المطاف، ومن الصعب أن يصل العديد من المحامين إلى وضع يدهم على أي جزء من أصول الدولة، هذا ليس إحتمالاً قائماً على أرض الواقع، إذاً هذا الكلام برمته يبقى في إطار التضليل لا أكثر ولا أقل.
وختم غبريل قائلاً:« إرتفاع سعر السندات من 6 دولارات إلى 8 دولارت، هذا معيار خطئ أن يتم البناء عليه ومعيب، فالدولة اللبنانية منذ 4 سنوات وهي متعثرة عن تسديد إستحقاقاتها وضحَّت بمصداقيتها  التي بنتها على مدار عشرات السنين،ولم تتعثر إطلاقاً طيلة هذه السنوات عن تسديد إستحقاقاتها الخارجية قبل آذار 2020 بغض النظر عن الظروف السياسية، والإقتصادية والنقدية في البلد،ولكن القرار بالتعثر عن تسديد المستحقات أدى إلى تهميش لبنان عن النظام المالي والمصرفي والتجاري العالمي، وعلى ما يبدو ليس هناك أي نية ببدء التفاوض مع حاملي سندات اليوروبندز،ولا يوجد أي عذر للسلطة السياسة بأن تبدأ المفاوضات مع حاملي سندات اليوروبندز سوى التنصل من المسؤولية، وكان يجب أن تبدأ هذه المفاوضات منذ أن وقَّعت حكومة تصريف الأعمال في نيسان 2022 الإتفاق مع صندوق النقد الدولي، وهذا ليس بحاجة إلى قرار من المجلس النيابي أو من أي أحد سوى تكليف الحكومة لفريق عمل بأن يباشر بالتفاوض لا أكثر ولا أقل، أما أي أعذار أخرى فهي غير مقبولة على الإطلاق».