بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 آب 2023 12:00ص أين المسؤول التربوي؟

حجم الخط
تلامذتنا في حاجة ماسّة إلى ملكة إضفاء معنى على معلومات باتوا يختزنون معظمها والوقوف على الفرق بين الهام وغير الهام، والجمع بينها في إطار صورة عن العالم جامعة شاملة مانعة. ينبغي توجيههم إلى كيفية التفكير من تلقاء أنفسهم... نعلّمهم الروح النقدية والتواصل والمؤازرة والإبداعية. نرشدهم إلى سبل تتيح التعامل مع حتمية التغيير المتسارع مع الحفاظ على توازن ذهني بإزاء أوضاع غير مألوفة: يترتب ابتداع فكر جديدة وآليات مستحدثة وإعادة نظر دائمة في ذواتنا.
الحياة تقتضي مزيدا من الطواعية. والمسؤول التربوي يتجلّى صانع أفكار وناشرها، ينقل النظريات إلى ثقافة عملية. إنه المعني الأول بالشأن الاجتماعي وبالقِيَم المحورية للمجتمع. هو وارث العلماء والمفكرين والفلاسفة والمصلحين، الذين حافظوا على الحقيقة وشاهقات القِيَم.
مدخل المسؤول التربوي إلى عمله الجدّي، إدراج مادتي التربية المدنية والتربية الأخلاقية في المناهج المدرسية... أصارح هنا بأنني ما عرفت وطنا صنو وطني، يلد معلّموه أحيانا ملكات نظرية ثم لا يحضنها «مسؤولوه» الغائبون في هذه الأيام، وتتفجر فيه أرضه وسماؤه بينابيع من الإلهام ثم ينكمش عنها لتصبّ في غير بيئته، وتجري في عروقه وتتمثل طاقة في غير وجوده. عليه أن يكون البدء في التحرك ليبلغ الظفر المرتقب، لا أن يكون ما يشبه الختام لبدء يشرع به الخارج أحيانا، ويبقى هو في القعدة، عاجزا عن الاستلهام حين الإلهام يناديه وبعيدا عن إطلالة الركب حين الركب يغذ في السير وهو يلهث في المؤخرة!
قديما شاء بعض المسؤولين التربويين تقليد بلاد الناس، فتبيّنوا كضفدعة الكاتب الفرنسي لافونتين، التي شاءت أن تبلغ ضخامة الثور فانفجرت. ويؤلمني اليوم بل يشقيني أن أرى الفكر كيف يندحر في مجتمعنا وكيف يخدّد له «المسؤولون» الأخاديد في إصرار مجرم وقصد هو الإثم. فإلامَ غيابهم خصوصا في الحقل التربوي؟!!...

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه