بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 شباط 2023 12:00ص إطلاق الساقيْن للرِّيح

حجم الخط
قد تختصر الحرية في نداء صارخ لإطلاق الساقين للتاريخ هربا من عسف وارتكابات وافتراءات، أو إطلاق العنان لمخيّلة تلقى صدى في نفوس المُبدعين لتنسج خيالاتهم عوالم لن تغرق في تلوّثات، وقد تدفع بالمتزمّتين إلى التنقيب في جوانياتهم عن ترسّبات تلوّث أبدا عبق الحرية.
إن قضية الحرية في المجتمعات المركّبة تركيبا لا مزجيا أمر بالغ التعقيد، على الرغم من وفرة الفلسفات التي حاولت الإلمام بكليّاتها وجزئياتها. ومهما وضعنا من مفاهيم فان العبرة هي في الممارسات.
نعود الى الذاكرة العربية الكبرى المتلبدة بتراكمات لا ترقى في أغلبها الى الزمن المُعاصر بل هي متروكة في مكان نتراوح فيه دون تبدّلات تخترق تسطيح المعنى المعمول به، ودون التفات الى انتفاضة في مستوى العصر الراهن. فالمتزمّتون المهووسون يذهبون بخيالهم إلى أن الحرية تضيء المقلب الآخر من الحياة وما همّهم، لأن الفرادة في الوجود الخاصة بهم تدفعهم الى حدّ الاعتقاد الواهم بأن عند أعتاب «مضاربهم» القديمة ينتهي الكون. وهنا تتعثّر صياغة أي معادلة انتقالية من حركة ذاتية مغرقة في هوسها ما أنبتت يوما جذور الحرية في مطارح اليباس الوجودي.
إن عبارة «إطلاق الساقيْن للرّيح» تعني أن لا تتسمّر طيور الخيال على جسر عبور نحو شرق جديد ولطالما كانت الحرية على غرار التاريخ والايديولوجية تطرد طيور الخيال والإبداع عن مطارح اليباس الوجودي الى حيث الينابيع والربيع.
ان طبائع البشرية «المتهوّرة» قد تختلف أحيانا باختلاف التضاريس، أي مناطقية تختصر الأشياء علما أن الحرية هي التي تزيل الفوارق والأعراق وترقق الأضداد من خلال حلولية فكرية تعدّدية، ليست بأي حال من الأحوال صوفيّة، تجريديّة سالبة.

د. رضا عنتر