بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 كانون الأول 2020 12:00ص الأزمات الفنية عام 2020 من الثورة إلى الكورونا

من نتاج المرحلة من نتاج المرحلة
حجم الخط
أزمة الفن عام 2020 غير المسبوقة أجبرت أصحاب المعارض على التوقف أمام إنتاجية معارضهم في السنوات السابقة، فالتباعد الاجتماعي والحجر الصحي والأزمة الكورونية حبست أنفاس الفنانين وجعلتهم يتعايشون مع الريشة بجمود فني لا مثيل له بعدما انطلقت لوحة الثورة في الساحات وارتفعت أسهمها تجاريا عند الكثير من الفنانين الذين لعب الحظ معهم، إلا أن تداعيات الأزمة الكورونية عصفت بما قبله، بل وغربلت أصحاب الريشة الضعيفة، ولكن وقفت في وجه العاصفة الكورونية اللوحة القوية المعايير فعليا، والتي اخترقت المزادات الافتراضية، وتخطّت الحواجز الصحية بانتقالها من بلد إلى بلد من خلال التفاوض الافتراضي تجاريا وفنيا في آن، وإن بشكل نادر عربيا، إلا أنها عالميا استطاعت كسر الحواجز نوعا ما وأضفت مزيداً من الجمال الإنساني القادر على تفسير الحالة الصحية التي وصل إليها العالم. فرغم التوقف الاقتصادي أو انكساره عالميا انتعشت اللوحة لونيا، وباتت مصدرا لتأويلات حسية، وتحليلات بصرية حتى لصانعي السياسة، فتفاعلت المعارض نوعا ما معها، وأقبلت عليها من خلال إقامة المعارض الافتراضية والمزادات الفنية التشكيلية الملتزمة بالحجر الصحي والتباعد الاجتماعي، كما حصل مع معرض بيكاسو الذي أقيم في أسبانيا وشاركت فيه اللوحة العربية عامة واللبنانية خاصة. فهل تم تذليل الصعوبات الكورونية التي أصابت الفن وتكيّف معها أصحاب المعارض من خلال معارض الفن التشكيلي الافتراضي؟ أم أن فترة التعافي الفني تحتاج إلى دراسات جديدة لتتكيّف مع أسلوب العيش الجديد الذي فرضه كورونا؟

ما بين السيطرة على فيروس كورونا في اللوحة الفنية التشكيلية وانطلاقها عبر المنصات الإلكترونية انحصرت اقتصاديا ما بين البائع والمشتري أو بين المعرض وأصحاب اللوحة وتدنّي الأسعار والأزمة الاقتصادية التي وقعت بسبب فيروس كورونا. وبالتالي تراجعت أسعار اللوحات بعدما ارتفعت بسبب الثورة وتراجعت إلى الحد الأدنى عربيا، فتوقف الحوالات الخارجية وإقفال المطار وغيرها من الأمور التي تسبب بها فيروس كورونا وأوقف الاستثمارات في الفن لفترة أشهر تسببت بتحوّلات قسرية، وبعقم في العودة الى الأساليب القديمة في التسويق الفني، وحتى انتاجه وبالتالي فتحت الكثير من التساؤلات عن قدرة صموده في وجه هذا الحجر الصحي والتراجع الاقتصادي. فهل من تغيّرات في التحوّلات الفنية خلال الأعوام المقبلة؟

التنبؤ بالحياة الفنية الجديدة وتغيّرات العرض والطلب أو أسلوب المعارض سيؤثر على اللوحة التشكيلية وانطلاقتها، ليحدّ من التسارعات، ويضع لها أسسا جديدة في التقنيات والمعايير، لتكون قادرة على المنافسة الفنية الافتراضية أولا، ومن ثم الإقتصادية لتقف في المزادات وقفة قوية أمام الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي من خلال جماليات بصرية تستفز الحواس وتضع كل المشكلات الاقتصادية والفنية جانبا، فالفورات الفنية التشكيلية السابقة انطفأت بل احتفظت بأسماء المشاهير في الفن، فالاختلالات في التسويق الذي اعتمد على سرعة الانتقال من مكان الى آخر أو بين الدول بات في طور الجمود بل وكأنه في صدمة أدّت الى فقدان بعض المعارض مكانتها في التسويق الفني الفعّال وعلى عكس ذلك منحت البعض قوة في المزادات الافتراضية أو المعارض التي اختزلت انتاجها وجعلته ضمن أسماء مميّزة ومعروفة عالميا. فماذا عن تفجير مرفأ بيروت الذي تسبب بهدم بعض المعارض أو خرابها مثل متحف سرسق الذي يعود الى الحياة تدريجيا؟

وضع تفجير المرفأ اللوحة بحالة تأهّب قصوى، فالدمار الذي وقع في بيروت أثار الريشة الفنية، وجعل البعض الآخر يقف بجمود أمام الخراب الذي حصل للحجر وللبشر وللوحة التي كانت تسافر حتى عبر مرفأ بيروت، وبالتالي أنتج أيضا انفجار مرفأ بيروت لوحة جمعت الثورة والفيروس والانفجار والتباعد الاجتماعي في تعبيرات مختلفة بعيدة كليا عن الأزمات لتنتهي سنة 2020 على لوحة تصرخ في وجه الجميع ولوحة أخرى يهاجر من فيها نحو الأمل وأخرى تعيد لبيروت أماكنها. فهل عام 2021 سيكون مفتوحا على السوق الفني الافتراضي بتحديات لفيروس كورونا؟


dohamol@hotmail.com