بيروت - لبنان

13 تموز 2023 12:00ص السعادة مسألة دماغ

حجم الخط
كثيرا ما يتحدثون بسوء طالع وحسن طالع وهما من المحرّمات. والواقع اننا لسنا البتّة سعداء أو تعساء كما يشاع عادة. الإنسان يشقى بقدر ما يتخيّل انه في حالة شقاء. وإن أتعس الناس هو ذاك الذي يعتبر انه كذلك. والأشدّ بؤسا هو من يشعر بان جهنم في السماء أو السماء في جهنم. السعادة تنشأ في العقل. وهي ليست أحداثا بل تموجات في العقل مدّا وجزرا.
معظم سعادتنا أو بؤسنا رهن مزاجنا لا الأحوال العامة. نحن سعداء وراضون لأننا نفكر اننا كذلك. وحياتنا السعيدة تكمن في طمأنينة البال.
البؤس يشير الى تفكير خطأ تماما كما ان اعتلال الصحة مؤشر نمط حياة معتل. لذا، ترى الفقير الشريف المحتدّ لا يشارك في التظاهرات مخافة أن يُذلّ، فضلا عن ان التظاهر يستتبع إمكان الكفّ عن العمل والقدرة الفعلية على التحرّك. بساطة الفقير وطيبته رافدا سعادته وقناعته.
السعادة لا تمتّ الى الشؤون الخارجية بكبير صلة وإنما ترتبط بالحريّ بطريقة نظرتنا إليها. السعادة لا يعقل أن تتجلّى أوفر من نظرتنا إليها. الإنسان السعيد يعي حالته بالتزامن. والبؤس كثيرا ما يأتي نتيجة للتفكير.
ينبغي لمواطنينا، ليسعدوا، أن يعوا ان بعض المنافقين يحاولون أن يقنعوهم بأن سفلة القوم هم أشرافهم وان اللصوص يؤتمنون على الأوطان! فأين القيّمون على التربية يدرجون في مناهجنا الأخلاق لارتقاء السعادة؟؟؟
سعادتهم في بؤسنا ومعاليهم في مخازينا. سخريتهم البغيضة أشبه بشعلة لا تضيء شمعة بل تترك وراءها آثارا وخيمة.
ليست السعادة بالمادية الجوفاء وإنما هي سعادة القلب، وأقرب سبيل إليها أن ندخلها الى قلوب الناس يفتشون عنها ويتناقش حولها الفلاسفة ويهيم بها الشعراء وهي في متناول أيديهم في نشوة إنجاز ما وتألّق إبداع.

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه