بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 أيار 2023 12:00ص الشعر بين الحداثة والتراث

حجم الخط
يشهد الواقع في دنيا الشعر صراعاً مستمراً بين الشعر الحديث وقديمه، وسببب هذا الصراع يعود الى انقسام الشعراء بين متمسّك بالقديم وآخر يرى في الحداثة الانطلاقة السليمة نحو شعر مختلف لعالم جديد هو نتاج طبيعي للحركة العلمية وللمتغيّرات التي أصابت المجتمع وفرضت تعاملاً مختلفاً على جميع الصعد ومنها الشعر.. وفي ظلّ هذا الانقسام، اعتبرت المدرسة القديمة إن السير علی خطى الخليل بن أحمد في استعمال التفعيلة وبحور الشعر أمر ضروري وحيوي وملحّ حتى لا يفقد الشعر العربي علاقته الطبيعية بمدارس أمرئ القيس والنابغة الذبياني وعمرو بن كلثوم والمتنبي.. واعتبروا ان الشعر المتحرّر من التفعيلة هو نثر لا تنطبق عليه تسمية «قصيدة شعر» وهذا الرأي معروف وأصحابه كثر على طول الساحة القديمة وعرضها.. أما المدرسة الحديثة التي تطورت ولاقت النجاح على يد شعراء كبار مثل بدر شاكر السيّاب ونزار قباني ومحمد علي شمس الدين ومحمود درويش وأحمد عبد المعطي حجازي وأمل دنقل وأنسي الحاج.. وبعضهم لم يتخلَّ عن الايقاع في قصائده واعتماد التفعيلة الواحدة، وهناك من اعتبر الغرب مصدر إلهامه وان التقيّد بالتفعيلة الواحدة لم يعد ضرورياً، لأنه يوقعهم أسرى القيود والقوانين التي تجاوزها الزمن.. وهنا لا بدّ أن نذكّر بالتطور الذي عرفته مدرسة الأندلس وعلى يديها ولدت الموشحات المعروفة، وهذا يعني أن الجمود مرفوض ومدارس دمشق وبغداد طوّرت الشعر في الشكل والمضمون وما عاد يشبه شعر المعلقات، وهذه حقيقة لا بدّ أن نعترف بها، وفي مسألة التفاعل بين الحضارات وهو أمر حيوي ومفيد، وهو بلا ريب ضروري وملحّ، لا بدّ أن نذكر في هذا المجال شاعرين تأثّرا بالتراث والأدب العربي: الأول هو الشاعر الإيطالي الكبير «دانتي» صاحب قصيدة «الكوميديا الإلهية» التي تأثر فيها برسالة الغفران لأبي العلاء المعري، أما الشاعر الثاني فهو الألماني «غوته» وأشهر قصائده: «قوم ممتازون» التي يرثي فيها شهداء معركة بدر.. ومن المعروف إن «غوته» اختار لنفسه اسماً جديداً هو «حاتم» تيمّناً بحاتم الطائي.. وأخيرا يجب أن نعترف بأن التدمير سهل بينما البناء صعب ومكلف، من هنا تبرز الأصالة وسط عالم متجدّد رفض الحدود الجغرافية وانطلق نحو آفاق الكون البعيد.