بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 نيسان 2024 12:00ص الفلسفة الرمضانية في الفن التشكيلي

حجم الخط
يرتسم الخط في الفنون التشكيلية عامة ويبدأ من نقطة هي التي لا نهاية لها، وقد يتشكّل من خلالها الضبط أو الانفلات تبعاً لثقافة ما، أو معرفة ما تنتمي للفكر البصري، ولا غرابة إن قلت الفكر البصري لأن ماهية الفن التشكيلية بصرية بالدرجة الأولى، وتسمح بالتأمّل والتفكر بالمسارات بمجملها، الهندسية التجريدية التعبيرية وغير ذلك، وإن بلغ التأثر والتأثير بالثقافات المختلفة التقليدي منها والمقدّس، والممتع من حيث المقدرة على تناوله عبر خاصية روحانية، وإن أعتقد البعض أنها بشكل فيزيائي تنشط عبر العديد من الممارسات التي تناول البعض من الفنانين، ليترجم إحساسه أو أحاسيس من حوله بالصلاة أو بالشهر الرمضاني أو بعاداته الاجتماعية أو حتى الدينية أو لربط علاقة الجسد بتقاليد شهر الصوم الخاص بالمسلمين، دون أي عرقلة للقيمة البصرية في الفن لاكتساب الثقافة الرمضانية وفلسفتها من خلال الفن التشكيلي الخاص بالشهر المبارك عند المسلم وحتى غير المسلم الذي يجذبه عادات وتقاليد هذا الشهر الروحاني من منظور إسلامي أولاً، ومن ثم من منظور جمالي بحت. فهل يمكن استكشاف معنى الصوم من خلال الفن التشكيلي؟ أم أن جمالية العادات والتقاليد في شهر الصوم جذبت الكثير من الفنانين لرسم إحساسهم به؟ أم أن كل لوحة تشكيلية رمضانية هي رسالة إيجابية يحملها الفنان للعالم؟
ما بين الصوم والصلاة والتأمّل الروحاني ريشة تدمج الفن بالعبادة، وتفك الفكر المعقّد غير القادر على فهم معنى شهر الصوم بالقول والفعل، مما يسمح بنقل الأفكار من خلال اللون والحركة والظل، حتى السكون للدخول مرئياً بطقوس هذا الشهر الكريم، لتصبح الريشة هي الأداة التي تترجم قوة التواصل مع الآخرين لفهم المعنى الروحاني لشهر الصوم الإسلامي في الغرب قبل الشرق، لخلق الشعور بالتوحّد الإنساني والارتباط المُجتمعي بين المسلمين في جميع أنحاء العالم، وبين الآخرين لما يحمله هذا الشهر من معنى إنساني ومن ثم المفردات الأخرى من الإخوة والتسامح والترابط والتماسك ومحبة الإنسان أولا بعيداً عن الصراعات التي تفكك العالم وتبعد الشعوب عن بعضها البعض. كما هي الحال في أعمال الفنانة الفلسطينية ليلى الشوا والفنان السعودي أحمد ماطر المولود في مدينة تبوك عام 1979 «الذي حاول سرد التحولات الكبرى في الجزيرة العربية» كما هو مذكور في موقع «ويكيبيديا» عبر سلسلة من الصور الفوتوغرافية الخاص بتصوير فعاليات شهر رمضان وما تمثله من فهم جوهر هذا الشهر وفلسفته التشكيلية في الفن ومعناه.
لست هنا في درس أفلاطوني، ولكن أدهشتني فعلا رسومات الشهر الرمضاني عبر العالم من خلال العديد من ريشات لفنانين من الغرب قبل الشرق، وسأتناول ذلك - إن شاء الله - في مقالات متعددة بعيداً عن ترك الطعام والشراب، فالخطوط في اللوحات الرمضانية بشكل عام مع بعض الاستثناءات ترمز إلى وحدة الترابط بين المرئي وغير المرئي في الكون حتى اللون العدمي بعيداً عن جدليات كثيرة بين الكفر والإيمان. فهو في اللوحات الرمضانية بمعنى المجهول البصري الذي نشعر به كمتخيّل موجود أو وحدة الترابط بين الأشياء هو في جميع اللوحات التي ترمز للقداسة، وتمثل القدرة على التواصل الروحاني بجمالياته والإحساس به أو القدرة على الإحساس بالسلام والمحبة. فهل يعزز الفن التشكيلي الرمضاني بفلسفته الجمالية القدرة على فهمه بشكل عام؟ أم أنه يثير المشاعر الإسلامية وجمالياتها بعيداً عن العصبيات والأمور الأخرى البعيدة كل البُعد عن المعنى القدسي لشهر الصوم وقيمه الأخلاقية؟ وهل اللوحات التشكيلية الخاصة بشهر الصوم عند المسلمين توفّر فهما أوسع لمعنى التآخي والإنسانية والرحمة للعالم؟