بيروت - لبنان

27 شباط 2024 12:00ص المرأة الحديثة!

حجم الخط
طالب مفكّرون وحملة أقلام أخيرا، بضرورة تعليم المرأة. فنادى الجميع: العلم العلم للمرأة، وراحوا يؤيدون تعميم هذه الفكرة الضرورية للنهوض بمجتمعنا، ولتزويد النشء الجديد، مبادئ تربوية جديدة قويمة.
على أن هؤلاء الداعين إلى تعليم المرأة، نسوا أو تناسوا، أي نوع من العلم يجب أن تتلقّاه، لتصل إلى ما ينبغي أن تصل إليه، من مراتب الرقيّ الاجتماعي والثقافة الفكرية.
إن الأقدمين، كانوا لا يسمّون المرء عالما، إلّا إذا كان ملمّا بعلوم الدين والفقه واللغة. بيد أن الحال، ما لبث أن تغيّر وتبدّل، فأصبحنا نسمّي «عالما»، كل من تخصّص أو برع أو تعمّق في شعبة من شعب العلم أو الأدب أو الاجتماع. وها نحن نرى بيننا الآن، علماء بالدين أو باللغة أو بعلم النفس أو بسوى ذلك من العلوم والفنون.
ومما لا ريب فيه، أن المرأة تحتاج أحيانا الى غير ما يحتاج إليه الرجل من صنوف العلم، لأن مهمتها تختلف عن مهمته، ولأنها مقيّدة بواجبات خاصة. والثابت أن تربية الأطفال غدت دقيقة ومعقّدة، تتطلب من المرأة خصوصا مزيدا من الفطنة واليقظة والمعرفة. وهذا ما يجعل المرأة مضطرة إلى توسيع دائرة معارفها، والى الأخذ بكل ما تحتاج إليه، لتؤدّي الرسالة التي خُلقت لها، على أكمل وجه، وأشرف غاية. من الاختصاصات المستحبة لها إذا الموسيقى والرسم والرياضة البدنية. وما نفع المرأة (والرجل طبعا)، إذا كانت عليلة الجسم، مريضة النفس، لا تصلح لتدبير أمور منزلها، ولا تعرف كيفية التناغم مع الزوج؟
من المجدي أن تغدو المرأة ميّالة إلى التدريس وتزويد الأجيال الصاعدة (فعلا!) أسباب العيش في اخلاص وازدهار.
الرجل والمرأة (والطفل أيضا) يتحرران معا أو لا يتحرران. وهذا فتح طويل الأمد لا يكمن في القوانين بقدر ما نختبره في الممارسات. لهذا، ينبغي للكتّاب والمفكّرين وأولي الأمر، إن هم وجدوا، أن يوجهوا المرأة الشرقية، وجهة جديدة تتسم بطائفة من العلوم المفيدة والفنون الرفيعة.
هل ترانا نحرر ذات يوم فئاتنا المجتمعية، التي لا تمتّ أحيانا الى البشرية بسبب، من مظاهر قسوتها، والقسوة عدوة الرفق والحنان، المنبثقين من روح الله والمتجسّدين بالحريّ في طباع المرأة؟ هل يظلّ معظم نافذينا يصمّون آذانهم ويخنقون ضمائرهم بإزاء الضياع السائد؟!

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه