بيروت - لبنان

18 تموز 2023 12:00ص بدائل

حجم الخط
ما إن يشاهد الرجل الجبار مخارج حريق يتهدّده، حتى يسارع الى اتخاذ قرار بإزائها. أما الضعيف المتخاذل، فأمامه أحد البدائل الذي لم يختره بنفسه.
البدائل أشبه بأغصان تتفرع من شجرة الحياة. كلما خبر المرء أعمالا وشاهد معالم وأحسّ بشعور، بات تقديره أدق لشؤون الحياة كفنون التدبير المنزلي وكيفية الوقوع في شباك الحب وكنه أبعاد الصداقة. وكلما واجهته الأقدار أجاد الخيار.
مردّ مخاطر الخيارات ليس ندرتها بل وفرتها. أما غياب الخيارات فشأنه أن ينقي العقل على أفضل وجه وأنبل قصد. ان السيطرة على انفعالاتنا أساس للنجاح في التعامل مع أندادنا. ففي معزل عن ذهن صافٍ لا يتسع للمرء أن يتخذ قراراته الحازمة في إطار من العقلانية المصفاة.
لا يزعمن إنسان فرد انه لم يحدث نفسه البتّة بارتكاب ظلم أو شر. ولكن، إذا سلّمنا جدلا اننا على وشك الهبوط الى «جحيم» مقيم، ألا ترانا نتخد أقصى درجات الحيطة والحذر؟ فحذار أيها السادة!
الإرادة تصوّر فتروّ فقرار فتنفيذ. فعلام لا يني أولئك السادة يخبطون خبط عشواء فيتصرفون على غير بصيرة أو تدبّر؟ لئن بان القرار خيارا بين بدائل، فهو، في العمق، خيار وصياغة بدائل!
هل يعي أصحاب النفوذ ان الحل الرئيس، دفعا لهدم الهيكل أو ما بقي منه، هو فسح المجال للمبدعين؟ لا يمكن النافذين أن يعبدوا المال ويزعموا انهم يعبدون الله - الخالق والمبدع الأول. سبيلان يتقدمان أمامهم إذا ما هبّت رياحهم: أن يكونوا شمعة تذوب لتنير طريق الآخرين أم مجرد مرآة تعكس صورتها. ليختاروا إذا!... بين الحقيقة السافرة والراحة المتخاذلة، الخيار واضح وجليّ. الضرورة توفّر علينا الحيرة والتردّد. وعندما يفقد أهل النفوذ قدرتهم على الخيار، يفقدون إنسانيتهم ويتشيأون.
من لا حاجة بنا إليه، فليرحل في هدوء! لا ريب في ان عالمنا الصغير، في إطار هذه القرية الكونية، لا يضج بحرية الاختيار، ولكن، حذار أن نعيش دوما عيشة نكره فيها على الاختيار. هل لدى أصحاب النفوذ خيار أن لا يختاروا ما يختارونه؟ هل يبقى خيارهم ثوبا يرمونه في ختام مسرحية ليسوا حتى أبطالها؟!

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه