بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 تموز 2023 12:00ص بين القبول والاستسلام

حجم الخط
ثمة التباس، ينبغي رفعه، بين مفهومي القبول والاستسلام. في الاستسلام لا يميّز المرء بين ما يستطيع فعله وما يعجز عنه. أما في القبول، فيفرّق بين الحالتين لمصلحة الأخيرة. الاستسلام يشلُّ الرغبة في العمل في حين ان القبول يعتقها إذ يخفف منها تكاليف الحياة.
لو نطق القبول لقال: «أيتها الحقيقة، هذه هي مقدرتي في هذه اللحظة. وها إني أنظر بعين لا ترف الى الواقع كما أراه. إلّا انني سأمدّ يد العون لما توفّره المستجدات. فالإنسان حديث وليته يستطيع أن يتجلى حديثا كامل الأوصاف».
ليس من مسافة كبيرة بين القناعة والتراخي. ولكن اللحظة التي نرضى فيها بأقل مما نستحق نحصل بعدها حتى على قدر أقل مما رضينا به.
ثمة شعار لدى معظم التجار والسياسيين، مفاده ألا يرضوا لأنفسهم بالمقبول والمعقول، ما يعني طمعا بل جشعا بلا وازع أو رادع. فهل تراهم نأوا الأخلاق عن عين الله الذي يتشدقون بعبادته ليل نهار أو أقلّه عن الضمير الحيّ الذي أمسى بفضلهم ضميرا «منفصلا» أو «مستترا»؟ انهم غلاظ رقاب محتكرون متوارثو نفوذ تحت ستار طائفي صفيق. يهيمنون على كل شيء تبعا لفتاوى ليست فتاواهم، ما عفا منذ أمد بعيد وباد أهله وانقرضوا اليوم في بلاد الناس.
أن نحيا في طمأنينة نفس فنقبل الأمور التي نعجز عن تغييرها أو يستحيل وضعها في الميزان، ونتمتع بالشجاعة الكافية -لا التهور- لتناولها في إطار الممكن والمقبول، تلك هي المسألة. والحكمة لا تتبدّل بتبدّل الزمان والمكان، وهي مسعى كل بشري مهما علا كعبه!
خيبات الأمل لا تعني فقدان الأمل والرجاء. أما العجرفة والغرور الرائجان عندنا  حتى الساعة بلا مسوغ، فيتسببان بمزيد من العواقب الوخيمة في ما هو من سعة العيش وحسن الحال، ولا سائل يسأل ولا من يحزنون.
قيل قديما: إن لم يكن لك ما تريد فأرد ما يكون. وأضيف: حتى يكون لك ما تريد... أما الثبات المذموم على الموبقات والمهلكات ولو باسم أعلى القيم والمبادئ، فلا وألف لا!
ان عدم التغيّر -ولا اقول التغيير- يجعل الإنسان يتقهقر، لان الأحوال حتما الى تغيّر، التغيّر يحصل من الداخل، ومن لا يتغيّر سيغيّر (بفتح الياء) أو تقتله رياح التغيير!
أين الوزارات المعنية بالشأن التربوي والثقافي... وهي اليوم راقدة رقدة أهل الكهف؟

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه