بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 كانون الأول 2023 12:00ص تجنّبوا المراءاة (3)

حجم الخط
ما أكثر المرّائين في بلادنا، وما أشدّ خداعهم ونفاقهم! فهم يتلوّنون تلوّن الحرباء، ويراوغون مراوغة الثعلب، ويتظاهرون بطيب القلب، وصفاء النفس، والإخلاص في الصداقة، حتى إذا وثقت بهم، واستسلمت إليهم، انقلبوا عليك، وأعلنوا ما خفي من أمرك، وراحوا يشوّهون الحقائق، ويختلقون الأكاذيب، وينشرون ما توحيه إليهم ضمائرهم الفاسدة، وعقولهم المريضة.
المرائي جرثومة المجتمع، وعلّة ما يثور فيه من آثام وشرور. تراه كالحيّة الرقطاء، يسعى إلى الآمنين المطمئنين، لينفث فيهم سمّه الزعاف، وليزرع بينهم الشقاق والخصام، بما يلفّق من أقوال، وبما ينشر من وشايات دنيئة معيبة.
وكثيرا ما ينخدع الناس بذي الوجهين من ذوي المال والنفوذ، لما يبديه من رقّة في الحديث، ولما يجود به من أقسام يؤيّد بها قوله،ويدعم بها أباطيله واوهامه. فهذا المخلوق، لا يتورّع في سبيل الوصول إلى مآربه السافلة، عن أن يقسم بالله العليّ العظيم، أو بحياته وحياة من يعزّ عليه. أما شرفه، فإنه يحلف به دائما، ليقينه أن لا شيء يضير الشرف المفقود...
أيها القارئ النجيب، تجنّب المرّائين، وافتح عينيك جيدا، قبل أن تفتح بيتك وقلبك أمام من تجهل أخلاقهم، لكيلا تندم بعد ذلك على تسرّعك واستسلامك للكذب والمداهنة والرياء. اجعل ضميرك دليلك، وقبله، عقلك النقدي البنّاء.

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه