بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 تشرين الثاني 2019 12:03ص حذار الانجرار....

حجم الخط
عندما دخلت إلى الغرفة كان هناك على شاشة التلفاز هرج ومرج وعسكر ومدنيين وآليات عسكرية..

لم أتوقف كثيراً أمام المشهد الذي بات شبه عادي ضمن حالة الانتفاضة الشعبية المستمرة منذ أربعين يوماً..

لكن الضربة الصاعقة كانت عندما أعلنت المذيعة ان النقل المباشر يجري من منطقة الشياح - عين الرمانة اثر بعض حوادث الشغب وان القوى الأمنية اتخذت الاجراءات اللازمة.

يا الله...

الشياح - عين الرمانة؟!..

وكأن زراً سحرياً ضغط على مخزون الذاكرة فكرّت السنون إلى الوراء، إلى أيام سوداء أكثر أسوداد من الفحم بدأت من هناك.

منطقة لها رمزية خاصة لدى كل من عاش تلك المرحلة المقيتة.

جيل بأكمله عاش كوابيس زمن استمرّ خمسة عشر عاماً حتى انه بات معقّداً من منظر بوسطة تسير في الشارع.

هذا الجيل هو الذي سبق الجيل المنتفض اليوم في أرجاء الوطن، لكنه قصّر في نقل صورة الزمن الذي عاشه والذي بدأ في الشياح - عين الرمانة، قصّر في نقل تلك الصورة ان عبر التوعية أو الإعلام أو التربية أو الثقافة... الخ...

الشباب المنتفض اليوم يعرف عن تلك المرحلة شذرات سمعها من أهله أو قرأ عنها ما تيسّر، لكنه لم يتعرّف على حقيقة ما جرى خلال تلك الحقبة.

لن نسترسل في تحديد مسؤولية التقصير، لكننا نركّز على التحذير.. إيّاكم... ثم إيّاكم من الانجرار إلى ما جرنا إليه.

كوابيس عشناها نتمنى أن لا تعيشوا جزءاً منها، تشكون من البطالة والفساد... الخ... وهذا صحيح، وأنتم على حق..

ولكن كل ذلك (ولا نستهين به) أقلّ قسوة من مرحلة حرب شعواء استمرت خمسة عشر عاماً تعانون ونعاني حتى الآن من آثارها...

كلام موجّه إلى الشباب من كل الطوائف والانتماءات، لا تشربوا كأس الحنظل الذي شربنا منه...

ليكن الوعي رفيقكم في كل تحرّككم لأنه الدرع الواقي من الوقوع في جهنم الأرضية.

حذار الانجرار... حذار الانجرار...