بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 تشرين الأول 2021 12:00ص حركة الضوء المنسجمة مع اللون والأطر اللامتناهية

حجم الخط
تنطلق حركة اللون في لوحات الفنان «أنور سونيا» من الأبعاد الضوئية التي يلتقطها من خلال التوازنات الموسيقية بين اللون نفسه، وبين ألوان درامية ذات تقنية مرنة، تعتمد على ضربات ريشة تفتتن بألوان الطبيعة، وعلى التناقض بين الألوان الباردة والحارة النابضة بالايقاع الضوئي المثير للحس الفني الذي يقوده «أنور سونيا» كقائد أوركسترا تخضع له الحركة والخطوط الهندسية والتعبيرية المختلفة، فالتجريدية اللونية ما هي إلا تعبيرات ذات إسقاطات مجازية، يترجم من خلالها الشفافية البيضاء المنبعثة من رقّة لون ينثره بنسبية مدروسة، تضفي ميزة خاصة على أعماله التي تتنوّع مدارسها، وتوحّدها النقطة المشتركة، وهي حركة الضوء المنسجمة مع اللون والأطر اللامتناهية التي يتركها في كل لوحة تجريدية أو واقعية أو انطباعية أو حتى بورتريه يضجُّ بالتعبير الحركي الغني لونيا والمؤثر بصريا على المتلقي.

يفصل «أنور سونيا» بين الحركة والسكون، مستخدما أسلوبا بصريا مؤثرا على الارتسامات الخطوطية الوهمية، النابعة من أثير اللون الأبيض الغالب على معظم أعماله الفنية، مقارنة مع الخط العامودي والاتجاهات المتساوية للألوان وأطوالها الموجية، والخطوط وتناقضاتها العشوائية مع الظل، ومع الملامح السردية أحيانا، كلوحة المرأة الحالمة الغارقة بالألوان الداكنة حيث التضاد العفوي يبرز قوة التعبير في وجه المرأة الغني بالانعكاسات الضوئية، وبالمفردات الفنية الموضوعية اللافتة للبصر، والمعاصرة من حيث تكنيك يعتمد على لونين لهما قدرة على إثارة الدهشة والانبهار، فريشة «أنور سونيا» تمتلك قدرة خاصة على التلاعب بالدرجات التي تنبثق عن لون أساسي، ولون مركب مع استراحة الأبيض أو الفاصلة الفنية المتجانسة مع الثيمات والفراغ، والظل المرتبط بالغوامق وبالتكوين الأساسي للوحة.

تتماشى ريشة الفنان «أنور سونيا» مع الرؤية وحوافزها الجمالية المتسامية اجتماعيا وتراثيا، وحتى لفلكلورية اللون المرافق للتواجد الأنثوي الواقعي والتجريدي، والخصائص الدرامية التشكيلية، وقوة المحاكاة المبنية على تأمّلات مشهدية، تتسم بهندسة سينوغرافية في لوحات تتميّز بتجريد هندسي إنعكاسي لا يخلو من انطباعية أو تعبيرية أو تجريدية، مما يترك للتذوق مجالات واسعة في تحقيق التأثر النوعي، وانضباط الرؤية التصويرية في لوحات التقطها من الأحياء الشعبية المتوّجة بمنظور فني، والأبعاد الحركية الناتجة عن التأثيرات اللونية وتقنيتها من حيث الكثافة والشفافية المهيمنة على الأسلوب، وسماته المشتركة بين المدارس المختلفة التي ينتهجها «أنور سونيا» في أعماله وتفاصيلها التشكيلية الألقة حركيا، والخاضعة لريشة تؤلف أنماطا فنية خيالية تقودنا دائما نحو الواقع المؤسلب المتلائم مع الرقة المتناهية، والرهافة الحسية ذات المستويات التظليلية الظاهرة والمبطنة.

سمات أساسية منظورية ذات أبعاد مرئية تجعلنا نشعر بالحركة المسرحية في تجريداته، وبالتأثير الدرامي في واقعياته، وبالعوالم المتعددة التي يصوّرها تشكيليا وباتساع موضوعي يخضع لقوانين الضوء والظل، ولرصانة الأسلوب وحيويته البصرية المتأثرة بتفصيلات سردية وأشكال متداخلة، تؤسس لفضاءات تمهيدية متخيّلة تنحصر أحيانا في الوجه واللون والضوء، والحركة التعبيرية المألوفة التي تحقق للحجم والفراغ، والمساحة احساسا داخليا بالفضاءات الهندسية، والإحاطات الانسيابية لتصويرات تضفي تأثيرا عاطقيا على المتلقّي، مع الاحتقاظ بعقلانية الخطوط والاتجاهات الإنعكاسية التي تكاد تكون تكوينية في بناءاتها الضوئية المعتمدة على اللون والتعتيم، والابتكارات الإيحائية المصقولة وجدانيا وحسيا وفنيا.

خصائص كلاسيكية ومعاصرة في أعمال الفنان «أنور سونيا» الفنية المتنوعة مضمونيا وأسلوبيا، والمترعة بتشكيلات بصرية دينامية من حيث اللون، والنغمة، والنسيج، والشكل، والإيقاع الحركي، والبُعد الثالث المشحون بمضامين لغة فنية متنافرة، تنتمي إلى أزمنة مفتوحة وأمكنة مرتبكة انطباعيا، انغمست فيها ريشته ليجمع الماضي والحاضر، والمستقبل داخل نسيج لوحة تتصارع فيها الأمواج مع المرأة، وثوبها التراثي المتناسق مع واقعية المشهد الطبيعي، وكلاسيكيته من حيث الانضباط الفني التشكيلي وتأثيرات اللون على شكل اللوحة بشكل عام.

تقطيعات محورية في لوحات تزاحمت فيها الألوان والخطوط، وانفردت فيها الأبعاد المتناغمة مع الفضاءات المستقاة من فراغات تضاهي الكتلة التي تتجلّى بتوهجات داخلية حسية، مشبوبة بلون أبيض سيطر على نغمة لونية، تتصف بالحركة والسكون، وبذاتية شكلانية لها تكويناتها الطاغية على المتناقضات الرياضية واللونية، المرتبطة غالبا بليونة الريشة وقساوتها، لإيجاد معادلات تعبيرية، وانطباعية، وتجريدية، وواقعية مدموجة في أسلوب لوني غلب عليه حركة ضوء يستفز الحواس، ويتركها في تأملات عميقة وإيهامية تتجسّد من خلال الأفكار الفنية، ومستوياتها المتفاوتة بين الفن المعاصر، والفن الكلاسيكي والقيود التشكيلية الجريئة في تشكيلات تجعل من البورتريه التعبيري عنوانا لها، ومن المفاهيم الهندسية اختزالات مبسّطة تتصارع مع اللون، والقوة التجريدية التي يمتلكها «أنور سونيا» فكريا وفنيا.

موضوعات اجتماعية وتراثية، وإنسانيات اتخذت من المرأة وجمالياتها إيقاعات تضجّ بالوجودية الفنية، وبالضوء السابح مع الكتلة وتوزيعاتها المناسبة مع الفراغ، فالتماثل والتناظر والسيمترية مفردات لم تخرج عن إطار التعبيرية اللونية القوية حسيا، خصوصا في التكوينات الواضحة جماليا في لوحة المرأة الحالمة حيث التفاعل البصري مع الأزرق الفاتح على الجفون، المشع مع الوجه واليدين، والمتناقض مع الألوان الداكنة الأخرى، وخصوصا البني وتوزيعاته النسبية المتماسكة بشكل عام مع قياسات اللوحة وأبعادها الهندسية، المعتمدة على الانعكاس الداخلي والخارجي ومع التأثير المرئي الملموس في هذه اللوحة.





dohamol@hotmail.com