1 آب 2023 12:00ص حكومة مبدعين!

حجم الخط
في عباب هذا الخضم الاجتماعي، المتلاطم بالأطماع السياسية الرخيصة، والزاخر بالتحركات الدرامية والفواجع المروّعة، ما زلنا ننشط بروحنا الوادعة السامية، لنبشّر بالوفاق والوئام، ولنحضّ على التسامح والتعاون بين مختلف مكوّنات هذا الوطن، مثبتين ان المحبة ركن الوجود، ودعامة السيادة، ونور الصلاح والإصلاح، في عالم مظلم ظالم، وفي دنيا يتحكّم في مقدرات سكانها الحديد والنار والنضار.
هذه الروح هي روح الأدب الحي، المنزّه عن شوائب الأنانية والاستئثار، والبعيد عن براكين الحقد والشغب، والمحلّق في آفاق الدعة والسكينة والانسجام المطمئن.
والأدب الحقيقي النابض بالحياة والكرامة، والمنبثق من صميم التفكير الرزين والصوفية المثلى، خليق بتقويم المعوج، وإصلاح الفاسد، وتعميم النصح والإرشاد، وإذاعة مبادئ الخير والفضيلة، في كل قطر وكل أمة. فالسيطرة الجوفاء ابنة الجهل وصنيعة المادية الرعناء، ولا سبيل إلى التغلّب عليها، بغير الأدب الحر، لأنه وليد الروح الطامحة، وربيب الشعور الدقيق المرهف.
وعالمنا الصغير والكبير هذا، الغارق ولو بدرجات وأشكال، في وحول الفوضى، والمكبّل بسلاسل المشاكل والمعضلات، والمستسلم لتيار القوى الجارفة، في حاجة ماسّة إلى الروحانية المشعّة باللطف والعطف والاشفاق، والى الاستقرار المبني على أسس السداد والرشاد والقناعة والحرمة المتبادلة. والأسلحة الفتّاكة العابرة للمحيطات، لا تصون الحق وتحميه، ولا تزيل الحروب وتحقن الدماء وتضمن السلم الدائم الذي أساسه السلام الداخلي، لان الشر لا يقاوم بالشر، والفساد لا يلاشيه الفساد، وإنما طريق الإصلاح واحد لا ثاني له، وهو تثقيف النفوس ثقافة جامعة عامرة بالرفق والمحبة والعدل الشامل الكامل.
ومتى ازدانت نفوس البشر، بمثل هذه الثقافة الحقّة، تقاربت أفكارهم، وتعانقت نزعاتهم ورغائبهم، والتأم شملهم تحت ظلال وارفة من التآلف والتحالف والتكاتف.
يوم كانت رحى الحرب العالمية الثانية تدور وتجور، انبرى أفذاذ المفكرين العالميين، يستعرضون أسباب تلك الكارثة الكونية، ويدرسون الباعث على إضرام نارها، ويحللون مقدماتها وذيولها وحواشيها، حتى إذا أذن الله، أن تضع أوزارها وتطفي أوارها، كانوا قد اشبعوا هذا الموضوع درسا وتمحيصا، وعلموا علم اليقين، ان وسائل الدفاع عن السلم، يجب أن تقام في الضمائر والنفوس، ففي ثقافة النفس ورقيّ الضمير، سعادة النوع البشري، وطمأنينة الكون وازدهاره!!!
هل يقتنع وزراؤنا الراقدون رقدة أهل الكهف، بأمثال هذه الأفكار البديهية، وقد أدرجناها لهم خصيصا في خرائط طريق منذ بدء «نشاطهم»، ولم يحرّكوا ساكنا؟؟؟!!!...

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه