بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 تشرين الثاني 2023 12:00ص حيوية لغتنا العربية

حجم الخط
إن الدراسات التي تناولت اللغة العربية كثيرة وعديدة، وكل منها حاول في إتجاه معين إبراز القدرة المرنة لهذه اللغة ومدى فعاليتها وتفاعلها ضمن الحيّز التطوري الذي يشمل كل اللغات، ومن المعروف إن العرب أحبوا لغتهم الجميلة وحرصوا كل الحرص على تقديرها ووضعها في أكرم منزلة وأحسن صورة، يتجلّى هذا الحرص والإعتزاز في عنايتهم بجودة الإلقاء وحسن الحديث، وفي نفورهم من كل عيب يشوب النطق أو يشوّه التعبير، والأسلوب المستعمل لهذه الكلمات هو نتيجة حتمية وطبيعية، لأنه الإبداع والعطاء بسبب التزامه ووعيه لمسألة طبيعة الكلمة وأبعادها المرئية والمعنوية، فالأسلوب الأدبي في أي لغة من اللغات قد لا يرتبط بالبيان كما هو في اللغة العربية، كونه يفصّل الكلمة، حركة وصورة وحروفا، وهنا تبرز أهمية الإشتقاق للكلمات باتجهاتها المختلفة وبالتأثيرات التي تطرأ عليها، فاعلة بها ومقرّبة إياها من الأصالة أكثر فأكثر ومبيّنة الحدود بين الصورة والمعنى بدقة وتلوّن غريبين تبلورت من خلالهما المعاني، والحرف العربي بحدّ ذاته يقوم بأدوار مختلفة، تأتي كلها لتبيان وظيفته، وقد أبرز الأستاذ زكي الأرسوزي هذا الأمر بقوله: «الكلمة العربية ليست رمزاً يلتصق به المعنى كما هي الحال في تعريف الكلمة في اللغات الأوروبية، بل إنها صورة تتألف من صوت وخيال مرئي ومعنى هو قوام تآلفها، فصوت خرير الماء والخيال المرئي هو تأثير الماء في مجراه خرقاً وخروجاً».. وهنا تكمن أهمية فهم اللغة وأنماطها ومتغيّراتها وتجاوبها مع كل جديد هو الدليل على أن هناك خفايا عديدة لا زالت غائبة عن بال الكثيرين من علماء اللغة ومن المهتمين.. وممّا لا شك فيه إن البحر الذي يغترف منه الجميع هو اللغة الأُم، وأي إبداع إنما هو نتيجة لموهبة إنسانية طبيعية، إضافة الى فهم اختيار الكلمات المناسبة للتعبير الأدبي مما ينتج تلقائياً عملاً مميّزاً، أبدعه إنسان تكوّنت عنده الفكرة فعبّر عنها بالكلمة وهي غيض من فيض لغتنا الجميلة.