بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 تشرين الأول 2023 12:00ص ديانات مستحدثة

حجم الخط
ثمة ديانات مستحدثة نشأت أخيرا، ليس في صفوف غلاة بعض الأديان، وإنما انطلاقا من مختبرات البحوث في العالم. فمثلما سيطرت الاشتراكية على شعوب إذ عاهدتها على تطوير العلائق البشرية عبر الصناعات و«إلغاء الطبقات»، ثمة من يعد في الغرب بمعجزات علمية وتقنية ستتجاوز قريبا كل عقل وكل تفكير. ويمسي الخلاص حصرا في سياق ما يجري على هذه الفانية.
هنا، يتفنن المحتكرون في ارتداء لباس الثعالب من غير أن يرفعوا رؤوسهم إلى السماء ويتأملوا نجومها اللامعة ويعلموا أنه سوف يأتي يوم تأفل فيه من عليائها...ألا فليتأملوا الحياة التي ينغمسون في لذائذها دون سواهم، وهم دائبون في إحراز متاع الدنيا بشتى الأساليب الملتوية. وليعلموا أن الحياة التي ستصافحهم مجددا بيمينها وتصفو لهم، ستنقلب عليهم لا محالة، وستصفعهم تلك اليد، صفعة مؤلمة فيها كل معاني الذلّ والاحتقار. حينئذ يسخر منهم أبناء سواهم من الأمم، ويشمتون بهم، ويستنزلون عليهم لعنة الأرض والسماء، فيدركون، بعد فوات الأوان، أن من يحاول أن يربح الهناء الأناني الإقصائي بالمال والتقنيات المريبة، سيجد صفقته ولا شك خاسرة.
وها اننا نسمع دولا ناشئة تستنزل، مجتمعة، اللعنات، على أولئك المحتكرين الذين ملأوا خزائنهم باللجين والمال، واغلقوا بابها دون أبناء الحياة ليموتوا يأسا. هل يبقى المقتدرون يتجاهلون أنهم كذاك الأب الغني القاسي، ولكنهم بدلا من أن يمسكوا مقدرات الكون عن ولد واحد، راحوا ينتشلونها من أبناء جنسهم، بما يجيدونه من وسائل تترفّع عنها أدنى الحشرات فكانوا - على الرغم مما يتظاهرون به من محاسن الخصال - جلّادين قساة يرفعون سياط الإرهاق على بسطاء العالم ومعوزيه حتى في استغلال ثرواتهم الدفينة، فيتمنى هؤلاء التعساء أخشاب النعوش، ويحنون إلى مضاجع الفناء.

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه