بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 آذار 2024 12:00ص سهى صبّاغ وطريق القدس الواقع بلغة فنية

حجم الخط
تُضفي الفنانة التشكيلية «سهى صبّاغ» (Soha Sabbagh) على طيف رسوماتها مصطلحات الواقع بتوزيع تنبثق عنه رؤية واقعية لحروب غزة حالياً، وغيرها من الحروب الأخرى في المنطقة العربية، ضمن معرضها الذي أقيم في مبنى جريدة «السفير» بعنوان «طريق القدس من بيروت» إذ تكتحل لوحاتها بتعبيرات تستثمرها بصرياَ، لتحليل كل ما هو سياسي ومستنكر ومؤلم، بل ومختلف بشكل تعبيري من شخص لآخر، فما أؤمن به سياسياً لا يمكن أن يؤمن به غيري، كذلك بشكل إنساني وغير ذلك، وتُشكّل تسييسات الخطوط منحى تعبيري، يقودنا إلى فهم الواقع بلغة فنية تشكيلية جريئة بمعنى قوة الرؤية الإيحائية في اللوحة التي تتميّز بقوة ثقة الريشة، فيما تُشكّله من خطوط ووجوه من المقاومة إلى حرب غزة، وغيرها من حروب المنطقة العربية بشكل خاص، مع التركيز على قيمة اللون ومعناه في لوحات ترمز للحروب وإزهاق الأرواح، ودفع ثمن المواقف السياسية حتى عبر الريشة والخط واللون الذي ينمّ عن الإحساس بالوجع والقهر، وضرورة استكمال فعل المواجهة أو عدم الرضوخ للاستسلام. هذا الشعور المتدفق من لوحاته، والذي يسري في دماء المتأمل هو بمثابة الخطاب البصري المُتشكل من الأحمر والأصفر والأسود بثقله، وبشكل نسبي يتأتّى من إحساسها الداخلي بالمعنى الذي تضخّه زفرات وجع الآخرين أو ضحايا الحروب، وحتى من الوجوه التي ترمز إلى قوة الصمود أو قوة البقاء في ظل هذا التخبط اللوني الذي ترشّه بثقة، لتثير التساؤلات عند المتلقّي القادر على التعمّق برؤية اللون الأحمر الصلب أو الخشن أو الناعم، ولمن ينتمي لمقاتل أو لطفل أو لشيخ أو حتى رسام تشكيلي تم قصفه في هذه الحروب وسال دمه على لوحة رسمت نفسها تلقائيا بدماء الأبرياء. فالتمسّك باللون الأحمر والأصفر في لوحاتها هو إصرار على موقف راسخ ويُشكّل جدليات ذات صفات لونية تناولها الكثير من الفنانين التشكيليين عبر التاريخ، فاللغة اللونية في لوحاتها تحفل بالكثير من المعاني البصرية وكأنها تواكب سياسياً كل ما جاء لغوياً بشأن الحرب على غزة وغيرها من المواقف السياسية المُستنكرة. فهل دلاليات الألوان في أعمالها تتوازى مع اللغة التي تنطق بها سياسات العالم؟ أم أنها تفتح طريقاً جريئاً عبر الفن التشكيلي وبجرأة هي ثقة عارمة بالمواقف التي تبنّتها تشكيلياً في لوحاتها؟
ما من لون في الفن التشكيلي المُحمل برسالات بصرية إلّا وله تاريخ لوني طويل الشرح في هذا المقال، إلّا أن ريشة الفنانة «سهى صباغ» تخوض حرباً بصرية تنتهج إنسانياً ما نستنكر من خلاله كل ما يجري في غزة تحديداً، وكل ما جرى في العالم العربي، وما بين المقارنة والمتزامنة في لوحاتها ومعرضها هذا، وما بين أسلوبها تتقدم الثقة والثبات على المواقف السياسية عبر جغرافيا حددتها من خلال الكثير من الرسومات في اللوحات خاصة، وكل ما يتراءى عن الوجوه خاصة النساء بكافة الأطياف والانفعالات. فهل معرضها هذا هو احتجاج سياسي بالخط القوى والشخبطات المدروسة والواثقة من البداية والنهاية؟ وهل تمثل ريشتها الشخصية التشكيلية التي تجذب نحوها الشعور والفكر والبحث عن معنى الخط واللون قبل الجمال الهامشي الذي يتعلق بمكانة اللوحة في عيون النقاد؟
تُسلط التفكير على عمق اللوحات ليتغلغل الإحساس ويتولد عنه الشعور بجوهرية التمثيلات السياسية ومؤثراتها على طرق العيش أثناء الحروب، وتخفف من جماليات الفن التشكيلي في اللوحة السياسية تحديداً مع الإحتفاظ بما تنطوي عليه من معايير وتضاد وتدرجات في الألوان، وبتحدّيات ايديولوجية تُشكّل عدة منعطفات بصرية وجمالية وإن عبر التعبيرات الموجعة من دماء وصراعات ونتائج الحروب على الإنسان والأرض. فهل يشعر المتلقّي بالراحة البصرية في معرضها دون التجاوز عن القضايا السياسية المفتوحة على كثير من التطورات التي تتسم بالعنف والتوترات؟
ضحى عبدالرؤوف المل