بيروت - لبنان

24 تشرين الأول 2023 12:00ص عاطلون من العمل!

حجم الخط
معظم وزرائنا عاطلون من العمل، بل إنهم غائبون أو راقدون أو بلا تجارب سياسية. لا يعرفون حتى أنفسهم وبأولى حجة لا يعرف المواطنون عنهم أي شيء.
يكون الحق حيث تكون القوة - قوة القرار، ولا قيمة للحق أو للعدل بين أناس اختلفت قواهم.
الحاكم الشريف يتواضع لأنه يجهل الأرض الجوفاء، والحاكم الوضيع يتشامخ لأنه يجهل السماء.
ثمة وزير يتيم نراه حرّا، سيد نفسه. لا شك أنه من خطل الرأي واعوجاج المنطق أن يعتقد المرء أنه في غنى عن سواه من أنداده، ويظن أن العزلة والانكماش خير له من الاختلاط والاندماج. فوزيرنا الهمّام بلغ من رفعة الشأن وعزة اتخاذ القرار، إذ تيقن أنه يحتاج إلى سواه، لانه جزء لا يتجزأ من المجتمع، ولأن صرح الوئام والسلام لا يرتفع ولا يزدهر ويبقى إلّا إذا تكاتف الجميع على تشييده وتعاونوا على حراسته وحفظه.
ينطق الوزير اليتيم ذاك في وحدته، وليس عزلته، بلسان الحق الصريح، ويسهر بعين العناية الفائقة، على أمن الناس وامانهم رغم كل الرياح العاصفة من كل صوب، ووراء تصميمه حنان خفي لا ينطفئ له نور ولا ينضب له معين. ولا عجب، فهو الأستاذ الجامعي الذي لا يفرّق والقاضي القدير الذي يحكم بالعدل. أنه عف الضمير، تقي الوجدان، متضلع من الفقه والتشريع، خبير بمواد القوانين الحقوقية، على اختلاف أنواعها وتعدّد مصادرها.
بهذه الصفات الحيّة العالية، وبهذه القدرة القضائية والإدارية الخارقة، شرع «زميلنا» في التدريس الجامعي، يدير وزارته المتعددة الإدارات والمتشعبة «الصلاحيات»، يساعده كبار الضباط، وهم من الجرأة والنزاهة، على قسط راجح موفور.
في إطلالات الوزير الشهم المقدام على الشاشة الصغيرة، وفي عباب المواقف المهيبة، تجلّت قوة دفاعه عن الحق الطعين، وذوده عن الحرية السليبة، ما استطاع، ونضاله عن العزّة والكرامة. سمعته يندّد بتلك الأساليب العقيمة السقيمة، المستخدمة للنيل من انتظام الشأن العام وإن في شقه الأمني، دفعا للنيل من الأحرار الأبرار الأتقياء القلوب.
نترقّب بكثير من اللهفة، انتقال سائر الوزراء، بقليل أو كثير، إلى دنيا العمل والوجود. وفي رأينا أن ثمة بعد قضاء ناصعا ما في ديارنا المنهوبة. أنهم أباة أكفياء، لا تؤثر فيهم مؤامرات المرتزقة الذين يسيئون ويهدمون وهم لا يتقون ربهم ولا يفقهون.
أيها الوزراء الغائبون أو المغيّبون، الراقدون على رجاء القيامة... التحقوا بوظائفكم لعلّ التاريخ يذكركم في شيء!

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه