بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 كانون الثاني 2020 08:13ص غادرنا فجأة.. ودون استئذان

الزميل الراحل الحاج عبدالرحمن سلام الزميل الراحل الحاج عبدالرحمن سلام
حجم الخط
لم نعتد أن تُغادرنا فجأة.. ودون استئذان.

لم يحصل ان تواريت عن مكتبك مهما اشتد عليك الضغط على صحتك.

لم تمر ليلة دون ان نسمع صوتك الجهوري في ملاحقة مراحل العمل التنفيذي بين الأقسام المعنية من صف وتصحيح وإخراج وتنفيذ.

كنت تستعين بمفكرتك لتكتب الملاحظات المتداولة في اجتماع مجلس التحرير المسائي، حتى لا يفوتك تنفيذ القرارات والاقتراحات المطروحة.

بقيت مُصراً على الإمساك بقلمك حتى الرمق الأخير، لتكتب عن برامج الشاشات، والنشاطات الفنية، السينمائية والمسرحية، التي رافقتها منذ أكثر من أربعين عاماً.

كان اخلاصك لمهنتك، وشغفك باتقان العمل، حديثاً يومياً بين الزملاء، يستمر حتى إنهاء الصفحة الأولى وضبط عناوين المانشيت.

بدأت رحلتك في عالم الفن في ذلك الزمن الجميل الذي تألقت فيه مسيرة الشقيقة نجاح وزوجها محمّد سلمان، وسطعت خلاله نجومية فيروز ووديع الصافي وصباح وفايزة أحمد، وامثالهم من الفنانين الكبار.

وكنت الحاضر دائماً في المشاهد والمهرجانات الفنية الكبرى، وشاهداً على صعود ابطال الشاشات، وسقوط آخرين.

لم تتعبك سنوات المهنة المضنية، فبقيت وقاداً في كتاباتك حتى اليوم الأخير.

ولكن معاناة الوطن المزمنة انهكتك، وابعدتك فترة ليست قصيرة إلى بلاد النيل، وعندما غلبك الحنين إلى الوطن، استسلمت لظروف العودة القاسية إلى بلد مظلوم بحكامه وقيادييه.

كنت مثل الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، تلعن ساعات التقنين التي أسقطت مبرر وجود الكهرباء في المجتمعات الحديثة، وتلاحق مشاكل انقطاع المياه، وتتبع حركة الشوارع والفيضانات في تنقلاتك بين عرمون وحبيبتك بيروت.

ومع كل ذلك، لم يُغادرك يوماً القلق على مستقبل البلد، وعلى الغد من أجل الأبناء والاحفاد والأجيال الشابة.

كان هاجسك الدائم متى سيرتاح لبنان من أزماته، وتستقر احواله، ويستعيد هناء الحياة والعيش الهادئ الذي عرفناه في زمن الاستقرار والازدهار.

لعل هذه الهواجس التي كانت تغلي بالخوف والقلق من تداعيات الزلزال المالي الذي ضرب البلد مؤخراً، ضغطت على تفكيرك في عتمة ليلة عاصفة، فتحولت إلى صدمة صاعقة على قلبك المقهور من هذا الطقم السياسي العاجز والمفلس.

وداعاً يا رحمن العطاء والتضحية... وإلى جنات الخلد يا رفيق المشوار الطويل.