بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 نيسان 2024 12:00ص فنانات من جيل العمالقة برعن في دور «الأمومة» (٢/٢)

حجم الخط
في الحادي والعشرين من شهر آذار كل عام، يحتفل العالم بأسره بأعظم عيد على الإطلاق ألا وهو عيد الأم، التي تعجز كل الكلمات في توصيف عظمة هذه المناسبة الجليلة...
ومع هذا الإحتفال المجيد نتذكر أيقونات فنية من جيل العمالقة من أبرع وأبرز الممثلات اللواتي جسّدن دور الأم في تاريخ الأفلام والدراما العربية، واللواتي أصبحن مثالاً للأمومة بما تختزن وترمز إليه من عطاء وتضحية وحنان بلا حدود...
وتجسيد دور الأم على الشاشة ليس بالأمر البسيط كما يعتقد الكثيرون، فمشاعر الأمومة ليس من السهل أن تجسّدها فنانة لم تذق طعمها، لكن الغريب أن أمهات السينما المصرية لم يذقن طعم الأمومة في حياتهم الخاصة، ومع ذلك إستطعن أن يجسّدن دور الأم ببراعة، مما جعلهن يحصلن على لقب أمهات السينما المصرية، فمشاعر الأمومة الجيّاشة التي كانت تؤدّيها كل منهن على حدى كانت تجعلك تشعر وكأنها والدتك الحقيقية التي تخاف عليك، وتبكي عليك وتسهر على راحتك.
وبمناسبة عيد الأم، نوجّه تحية وفاء وتقدير لأبرع الممثلات اللواتي أدّينا بصدق وحنان متدفق دور الأم، من خلال الإضاءة على أعمالهن، عبر جزئين متتاليين:
زوزو ماضي: الأم الأرستقراطية:
(14 كانون الأول 1914 - 9 نيسان 1982)
تعتبر الفنانة الراحلة زوزو ماضي أشهر من قامت بتقديم دور الأم الأرستقراطية في السينما العربية على الإطلاق، التي أجادتها بإقتدار وذلك بسبب ملامحها التي توحي بإنتمائها إلى هذه الطبقة، فلم تقدّم أي دور لأم من الطبقة العاملة أو الفقيرة.
وكان من أشهر أعمالها «نادية»، «الأبرياء»، «يحيا الحب»، «غرام وانتقام»، «بنات الريف»، «شباب في العاصمة»، «مضى قطار العمر»، و«العقاب».
هدى سلطان «الأم القوية»:
(5 آب 1925 - 5 تموز 2006)
استطاعت الفنانة الراحلة هدى سلطان، أن تنضم إلى الفنانات اللواتي إشتهرن بتقديم أدوار الأم المثالية والقوية - المؤثرة و«الجدعة» التي تعكس صورة المرأة المصرية بأنماطها المختلفة سواء الشعبية أو الأرستقراطية.
ومن أشهر أعمالها «الوتد»، الذي قدمت من خلاله دور «فاطمة» وهي أم ترغب في استقرار عائلتها، حيث تتدخل الأم في جميع اختيارات أولادها المختلفة، وتحاول هذه الأم توسعة ممتلكات وأراضي العائلة، لكنها تسيطر على العائلة وزوجات أولادها، ولعل مشهد مرضها وخوف أبنائها عليها من أقوى المشاهد تأثيراً.
كما جسّدت دور الأم الحنونة في مسلسل «أربيسك» بطولة الفنان القدير صلاح السعدنى، ومرَّت حياتها الفنية بأكثر من مرحلة، جسّدت في المرحلة الأخيرة منها دور الأم الذي أجادته بشكل كبير، لكنها نجحت في تقديمه بشكل مختلف، إذ عبّرت من خلاله عن نموذج آخر للأم الطيبة التي تغلّف أمومتها هذه بالقوة، ومن أشهر أعمالها «الليل وآخره» و«زيزينيا» و«ليالي الحلمية».
ومن أفلامها «إمرأة في الطريق»، و«جعلوني مجرماً».
عزيزة حلمي «أمّ فَقدَتْ ابنها»:
(6 آب 1929 - 18 نيسان 1994)
لعل المأساة التي عاشتها الفنانة عزيزة حلمي، التي رُزقت بطفل واحد فقط ولكن الموت اختاره مبكراً، جعلها تبرع في تقديم أدوار الأم ومشاعر الحنان والاحتواء من خلال أدوارها، وساعدها في ذلك ملامح وجهها الهادئ...
فقد دخلت عزيزة حلمي الفن عن طريق إحدى جيرانها الفنانة زينب صدقي، التي عرّفتها على المخرج حلمي رفلة، وكان أول أعمالها سنة 1946 فيلم «قبلني يا أبي» وجسّدت من خلاله دور أم، وهو أول دور لها على الشاشة، لذا حصرها المخرجون في دور الأم خلال مشوارها الفني لتصبح الفنانة عزيزة حلمي «أيقونة» الأمهات على الشاشة.
فعرفها الجمهور بدور الأم الذي برعت في تجسيده خلال أدوار عديدة إتسمت فيها بالطيبة وساهمت ملامحها الهادئة بشكل كبير في أن تقدم الدور بصدق شديد، وكانت من أعظم الأمهات في السينما.
وقدمت عزيزة حلمي العديد من الأفلام التي جسّدت فيها دور الأم الحنون منها «ظلموني الناس» و«حماتي قنبلة ذرية»، و«سيدة القطار» و«بلال مؤذن الرسول»، «دهب»، و«آثار في الرمال» و«الملاك الظالم» و«أيامنا الحلوة» و«الوسادة الخالية»، و«المراهقات» و«هذا الرجل أحبه»، و«الشيماء»، و«أنف وثلاثة عيون»، و«زمن حاتم زهران» و«الرقص مع الشيطان»، و«خادمة ولكن».
وبجانب عملها الفني، تطوعت عزيزة حلمي لخدمة المرضى ورعايتهم في المستشفيات.
شادية «الأم المحرومة من الأمومة»:
(8 شباط 1931 - 28 تشرين الثاني 2017)
دلوعة السينما المصرية كما أطلق عليها النقاد الفنانة شادية، قدمت أيضا دور الأم الذي لم تعشه في الحقيقة، لأنها حرمت الإنجاب، فكانت تعتبر أولاد شقيقتها هم أولادها، خاصة خالد. لكنها تمكنت بكل جدارة وبراعة من تجسيد دور الأم بشكل رائع.
وقدمت شادية نموذجاً آخر للأم رغم صغر سنّها، ودورها في فيلم «المرأة المجهولة» سيظل علامة من علامات السينما المصرية وأغنيتها «سيد الحبايب»، رمزاً لعيد الأم... وتعدّ شادية أول فنانة تقبل أن تستغني عن جمالها وتظهر بمكياج المرأة العجوز في مرحلة من مراحل دورها على الشاشة في هذا الفيلم.
أيضا أجادت شادية في فيلم «لا تسألني من أنا» في دور الأم المطحونة التي اضطرت لبيع ابنتها لإمرأة غنية، كي تستطيع أن تطعم باقي أبنائها، وفي الوقت ذاته عملت خادمة لإبنتها كي تظل بجوارها، فكان من أهم الأدوار التي قامت بها في آخر رحلتها الفنية.
فاتن حمامة «الأم المضحيّة»:
(27 آب 1931 - 17 كانون الثاني 2015)
تميّزت فاتن حمامة بأدائها الدرامي المميّز، وساهمت بشكل كبير في صياغة صورة جديرة بالاحترام لدور السيدات بصورة عامة في السينما العربية.
وبرعت الفنانة فاتن حمامة في تقديم الأدوار الفنية الراقية، ولكنها تفوّقت في أداء دور الأم على الرغم من أنها قدمتها وهي لم تكُن تجاوزت الـ٣٥ من عمرها، تحديداً في فيلم «الأم».
فقد تألّقت فاتن حمامة، في دور الأم التي ترعى مجموعة كبيرة من الأبناء ولا تجد الفرصة لرعاية شؤونها وحياتها الخاصة، وذلك في فيلم «إمبراطورية ميم»، حيث عبّرت عن تجربة الأم التي فقدت زوجها وترك لها سبعة أبناء فكانت نموذجاً للعطاء والتضحية.
كريمة مختار «ماما نونا»:
(16 كانون الثاني 1934 - 12 كانون الثاني 2017)
«ماما كريمة» الإسم الذي كان يناديها به الجميع خلف الكاميرا، إذ تُعدّ الفنانة كريمة مختار أهم من جسّدن دور الأم على الشاشة، بتلقائية شديدة جعلت منها أمّاً للملايين سواء من جمهورها أو ممن تعاملت معهم داخل الوسط الفني.
فبالرغم من صغر سنها، إلّا أنها قامت بدور الأم ببراعة مع فنانات يقتربن من سنّها في فيلم «الحفيد»، وهو الدور الذي حصرها فيه المخرجون طوال مشوارها الفني.
وعبّرت كريمة مختار عن العديد من الأمهات داخل المجتمع المصري، بكل التفاصيل المتعلقة بشخصية الأم، وبذلك تبقى كريمة مختار أصدق أمّ على الشاشة. وإشتهرت بأسماء عديدة منها «ماما نونة» وهو الدور الذي قدمته في مسلسل «يتربّى في عزو»، أمّ النجم يحيى الفخراني، حيث اعتبر من أروع أدوارها التي تميّزت فيها بالبساطة والفرح الجاذب للجماهير من خلال روح الدعابة.
ولقبت أيضاً بـ«أم العيال» بسبب دورها في مسرحية «العيال كبرت».
ويُعدّ أشهر الأفلام التي قدمتها النجمة كريمة مختار «نحن لا نزرع الشوك»، و«بالوالدين إحسانا»، و«يا رب ولد»، و«سعد اليتيم»، و«مهمة صعبة»، و«الفرح».